فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٦
بالوضع ونافع بن هرمز أبو هرمز قال في الميزان كذبه ابن معين وتركه أبو حاتم وضعفه أحمد انتهى، وبه يعرف أن سنده هلهل بالمرة فكان ينبغي للمصنف حذفه.
1201 - (اعمل عمل من) وفي نسخة امرئ (يظن أن لا يموت أبدا، واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غدا) أي قريبا جدا ولم يرد حقيقة الغد، والمراد تقديم أمر الآخرة وأعمالها حذر الموت بالفوت على عمل الدنيا وتأخير أمر الدنيا كراهة الاشتغال بها على عمل الآخرة وأما ما فهمه البعض أن المراد اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ويكون المراد الحث على عمارة الدنيا لينتفع من يجئ بعد والحث على عمل الآخرة فغير مرضي لأن الغالب على أوامر الشارع ونواهيه الندب إلى الزهد في الدنيا والتقليل من متعلقاتها والوعيد على البناء وغيره وإنما مراده أن الإنسان إذا علم أنه يعيش أبدا قل حرصه وعلم أن ما يريده لن يفوته تحصيله بترك الحرص عليه والمبادرة إليه فإنه إن فاتني اليوم أدركته غدا فإني أعيش أبدا، فقال النبي: اعمل بعمل من يظن أنه يخلد فلا يحرص على العمل فيكون حثا على التقليل بطريق أنيق ولفظ رشيق ويكون أمره بعمل الآخرة على ظاهره فيجمع بالأمرين حالة واحدة وهو الزهد والتقلل لكن بلفظين مختلفين أفاده بعض المحققين لكن يعضد الأول خبر إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها، وفيه تنبيه على أن من حق المؤمن أن لا يذهب عنه ولا يزال عن ذهنه أن عليه من الله عينا كالئة ورقيبا مهيمنا وأجلا قريبا حتى يكون في أوقات خلواته من ربه أهيب وأحسن احتشاما وأوفر تحفظا منه مع الملأ (هق عن ابن عمرو) بن العاص ورواه عنه الديلمي أيضا ورمز لضعفه وذلك لأن فيه مجهولا وضعفا.
1202 - (اعملوا) بظاهر ما أمرتم ولا تتكلوا على ما كتب لكم من خير وشر (فكل) أي كل من خلق (ميسر) أي مهيئ ومصروف (لما خلق له) أي لأمر خلق ذلك المرء له فلا يقدر البتة على عمل غيره فذو السعادة ميسر لعمل أهلها بحكم القدر الجاري عليه وإذا غلبت مادة الحكم واستحكمت في إنسان فإنما تيسر له عمل الخبث فكان مظهرا للأفعال الخبيثة التي هي عنوان الشقاء وحكم عكسه عكس حكمه.
تنبيه: قال الغزالي بين بهذا الخبر أن الخلق مجاري قدر الله ومحل أفعاله وإن كانوا هم أيضا من أفعاله لكن بعض أفعاله محل لبعض وقوله اعملوا وإن جرى على لسان الرسول فهو فعل من أفعاله تعالى وهو سبب لعلم الخلق بأن العلم نافع وعلمهم من أفعال الله وهو سبب لحركة الأعضاء، وهي أيضا من أفعاله تعالى لكن بعض أفعاله مسبب للبعض أي الأول شرط للثاني كخلق الحياة شرط لخلق العلم والعلم للإرادة بمعنى أو لا يستعد لقبول العلم إلا ذو حياة ولا للإرادة إلا ذو علم فيكون بعض أفعاله سببا للبعض لا موجبا لغيره، وهذا القول من الله سبب لوجود الاعتقاد والاعتقاد سبب للخوف، والخوف سبب لترك الشهوات والتجافي عن دار الغرور وهو سبب الوصول إلى جوار الرحمن
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»