فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٥
غالبا، ويكره تأخيره عن أربعين يوما ثم علل ذلك بقوله (فإن بني إسرائيل لم يكونوا يفعلون ذلك) بل يهملون أنفسهم شعثا غبرا دنسة ثيابهم وسخة أبدانهم، (فزنت نساؤهم) أي استقذرتهم فزهدت قربهم ورغبوا في أناس على ضد ذلك من الطهارة والنزاهة والتزين ومالت إليهم نفوسهن، وطمحت لهم شهواتهن فسارعوا إلى الخنا فكان الزنا. وعلم منه أنه يسن للرجل، أن ينظف ثوبه وبدنه ويدهن غبا ويكتحل وترا ويقلم أظفاره وينتف شعر إبطه إن أطاقه ويحلق عانته، وينتف شعر أنفه ويقص من الشارب ما يبين به طرف الشفة بيانا ظاهرا، والمرأة كالرجل ويتأكد للمتزوجة ما اقتضاه ظاهر الخبر، من أن الندب في الرجل خاص بالمتزوج غير مراد (ابن عساكر) في ترجمة عبد الرحيم التميمي (عن علي) أمير المؤمنين قال المؤلف في الأصل وفيه عبد الله ابن ميمون القداح ذاهب الحديث انتهى. وللأمر بالتنظيف شواهد والمنكر قوله فإن إلى آخره.
1219 - (اغفر) أمر من الغفر، وهو ستر الذنب، أي اعف عمن لك عليه ولاية وقد صدر منه شئ يوجب التأديب ولم يكن حدا (فإن عاقبت فعاقب بقدر الذنب) أي إن لم تعف وكنت معاقبا، فلا تتجاوز قدر الجرم ولا تتعدى حدود الشرع ولا تضرب ضربا مبرحا، وإن لم يفد إلا هو (واتق الوجه) فلا تجعله محلا للمعاقبة بضرب ولا غيره لأنه تشوبه له فيحرم ضرب الوجه من كل آدمي وحيوان محترم كما مر وصدر بالعفو إشارة إلى الحث عليه وأن الحزم قهر النفس بقودها إليه، لما هو مركوز في جبلة الإنسان من حب الانتقام والتكبر على جميع الأنام قال بعض العارفين: ما من نفس إلا وهي مضمرة ما ظهره فرعون من قوله: * (أنا ربكم الأعلى) * [النازعات: 24]، لكن فرعون وجد مجالا فأظهر حين استخف قومه وما من أحد إلا وهو يدعي ذلك مع خدمه وأتباعه، ومن هو تحت قهره فإن غيظه عند تقصيرهم في حقه لا يصدر إلا عن إظهار الكبر ومنازعة الربوبية في رداء الكبرياء (طب وأبو نعيم في المعرفة) أي كتابه معرفة الصحابة (عن جزء) بفتح الجيم وسكون الزاي وهمزة، وهو ابن قيس بن حصن ابن أخي عيينة بن حصن أحد الوفد الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم مرجعه من تبوك وكان من جلساء عمر قال: قلت: يا رسول الله، إن أهلي عصوني فيم أعاقبهم قال: تعفو ثلاثا فإن عاقبت، إلخ كذا في رواية الطبراني، وسبب تحديث جزء به أن عمه عيينة دخل على عمر فقال ها ابن الخطاب والله ما تعطينا الجذل ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هم أن يوقع به فقال له الجزء: يا أمير المؤمنين، إن الله قال لنبيه * (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) * [الأعراف: 199] ثم ذكر هذا الخبر.
1220 - (أغنى الناس) أي أكثرهم غنى (حملة القرآن) أي حفظة القرآن عن ظهر قلب، العاملون بما فيه، الواقفون عند حدوده ورسومه الآمرون بما أمر به الناهون هما نهى عنه، ثم هذا
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»