فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٨
ولا تعتمدي على العمل فقد لا يقبل أو اعملي صالحا بجد واجتهاد لله وحده خالصا من شوب رياء أو إشراك فإنك لا تحتاجين مع ذلك إلى شفاعتي بدليل تعليله بقوله (فإن شفاعتي للهالكين من أمتي) أي أهل الكبائر المصرين عليها المفرطين في الأعمال من أمة الإجابة. وفي رواية للاهين من أمتي قالوا حقيقة الإنسان لا تقتضي لذاتها سعادة ولا ضدها بل هي بأمور خارجية باقتضاء الحكمة الربانية، فتلك الأمور معروضاتها حاصلة في القضاء إجمالا فما يقع من الأفراد تفصيل لذلك خيرا كان أو شرا ولا يمكن مخالفة التفصيل للإجمال (تتمة) قال في الحكم إحالتك الأعمال على وجود الفراغ من رهونات النفوس لا تتطلب منه أن يخرجك من حالة يستعملك فيما سواها، فلو أرادك لاستعملك من غير إخراج ما أرادت همة سالك أن تقف إلا ودناتها هواتف الحقيقة الذي تطلبه أمامك (عد) وكذا الطبراني (عن أم سلمة) واسمها هند أورده ابن عدي في ترجمة عمرو بن مخرم وقال له: بواطيل منها هذا الخبر أخرجه الطبراني من هذا الوجه بهذا اللفظ فقال الهيثمي، فيه عمرو بن مخرم وهو ضعيف وبه يعرف أن عزو المصنف الحديث لابن عدي وحذفه ما عقب به من بيان حاله من سوء التصرف وبتأمل ما تقرر يعرف أن من جعل حديث الطبراني شاهدا لحديث لابن عدي فقد أخطأ لأن الطريق واحد والمتن واحد.
1205 - (أعينوا) ندبا (أولادكم على البر)، على بركم بالإحسان وعدم التضييق عليهم والتسوية بينهم في العطية (من شاء استخرج العقوق من ولده) أي نفاه عنه بأن يفعل معه من معاملته باللطف والانصاف والإكرام ما يوجب عوده للطاعة ومن استعطافه بالإنعام ما يحمله على عدم المخالفة (طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي فيه: من لم أعرفهم انتهى.
1206 - (أغبط) لفظ رواية الترمذي إن أغبط (الناس) اسم تفضيل مبني للمفعول من غبط أي أحقهم (عندي) بأن يغبط أي يتمنى مثل حاله ونص على العندية تأكيدا لاستحسان ذلك وجزما بأغبطية من هذا حاله (مؤمن) لفظ رواية الترمذي لمؤمن بزيادة اللام أي موصوف بأنه (خفيف الحاذ)، بحاء مهملة وذال معجمة مخففة أي خفيف الظهر من العيال والمال بأن يكون قليلهما والغبطة تمنى أن يكون لك مثل ماله ويدوم عليه ما هو فيه، قال الزركشي في اللآلئ: وأصل الحاذ طريقة المتن وهو ما يقع عليه اللبد من متن الفرس ضرب به المصطفى صلى الله عليه وسلم المثل لقلة ماله وعياله انتهى (ذو حظ من صلاة) أي ذو نصيب وافر منها من مزيد النوافل والتجهد (وكان رزقه كفافا) أي كافا عن الحاجة يعني بقدر حاجته لا ينقص ولا يزيد بل يكفيه على وجه التقنع والتقشف لا التبسط والتوسع كما يفيده قوله (فصبر عليه) أي حبس نفسه على الفناعة به غير ناظر إلى توسع أبناء الدنيا في المطاعم والملابس ونحوها (حتى يلقى الله) أي إلى أن يموت فيلقاه (وأحسن عبادة ربه) بأن أتى بها بكمال الواجبات والمندوبات، ونص على الصلاة مع دخولها فيها اهتماما بها لكونها أفضلها وخص الرب إشارة إلى أنه
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»