فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٩٤
1558 - (اللهم إني أعوذ بك من الكسل والعجز والجبن والبخل والهرم وعذاب القبر وفتنة الدجال اللهم آت) أعط (نفسي تقواها) أي تحرزها عن متابعة أهوى وارتكاب الفجور، ذكره القاضي وقال الطيبي ينبغي أن تفسر التقوى بما يقابل الفجور كما في آية * (فألهمها فجورها وتقواها) * [الشمس: 8] وهي الاحتراز عن متابعة الهوى والفواحش لأن الحديث كالتفسير والبيان للآية فدل قوله آت على أن الإلهام في الآية هو خلق الداعية الباعثة على الاجتناب عن المذكورات (وزكها) طهرها من كل خلق ذميم (أنت خير من زكاها) أي من جعلها زاكية يعني لا مزكي لها إلا أنت فإنه تعالى هو الذي يزكي النفوس فتصير زاكية أي عاملة بالطاعة فالله هو المزكي والعبد هو المتزكي قال الطيبي فإسناد التزكية إلى النفس في الآية هو نسبة الكسب إلى العبد لا خلق الفعل كما زعمه المعتزلة لأن الخبر به يقتضي المناسبة المشاركة بين كسب العبد وخلق القدرة فيه، قال الحراني والتزكية اكتساب الزكاة وهي نماء النفس بما هو لها وهو بمنزلة الغذاء للجسم (أنت وليها) التي يتولاها بالنعمة في الدارين (ومولاها) سيدها وهذا استئناف على بيان الموجب وأن إيتاء التقوى وتصليح التزكية فيها إنما كان لأنه هو المتولي أمرها وربها ومالكها فالتزكية إن حملت على تطهير النفس عن الأفعال والأقوال والأخلاق الذميمة كانت بالنسبة إلى التقوى مظاهرة ما كان مكمنا في الباطن وإن حملت على الإنماء والإعلان بالتقوى كانت تحلية بعد التخلية فإن المتقي شرعا من اجتنب النواهي وأتى بالأوامر.
(اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع) أي علم لا أعمل به ولا أعلمه ولا يبدل أخلاقي وأقوالي وأفعالي أو علم لا يحتاج إليه في الدين ولا في تعلمه إذن شرعي ذكره المظهري (ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع) أي لا تقنع بما آتاها الله ولا تفتر عن الجمع حرصا أو المراد به النهمة وكثرة الأكل (ومن دعوة لا يستجاب لها) قال العلائي تضمن الحديث الاستعاذة من دنئ أفعال القلوب وفي قرنه بين الاستعاذة من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع إشارة إلى أن العلم النافع ما أورث الخشوع وفيه أن السجع لا يذم لكن إذا حصل بلا تكلف ولا إعمال فكر بل لكمال فصاحة والتكلف مذموم (حم عبد بن حميد م) في الدعوات (ن) في الاستعاذة (عن) ابن عمرو أو عامر أو عمارة أو أنيسة (زيد بن أرقم) بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح القاف غير منصرف بن زيد بن قيس الخزرجي شهد الخندق وما بعدها ورواه عنه أيضا الترمذي مختصرا قال عبد الله بن الحرث قلنا لزيد علمنا فقال لا أعلمكم إلا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا فذكره.
1559 - (اللهم اغفر لي خطيئتي) أي ذنبي (وجهلي) أي ما لم أعلمه (وإسرافي في أمري) أي مجاوزتي الحد في كل شئ (وما أنت أعلم به مني) مما علمته وما لم أعلمه.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»