فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٥
استفتاحية (ربك يحب المدح) وفي رواية الحمد وهذا قاله للأسود بن سريع حين قال يا رسول الله مدحت ربي بمحامد ومدح وإياك فقال له أما إن إلخ (حم خد ن ك عن الأسود بن سريع) بفتح السين التميمي السعدي صحابي نزل البصرة ومات في أيام الجمل قال الهيثمي أحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح.
1585 - (أما إن كل بناء) من القصور المشيدة والحصون المانعة والغرف المرتفعة، وهو (وبال على صاحبه) أي سوء عقاب وطول عذاب في الآخرة لأنه إنما يبنيها لذلك رجاء التمكن في الدنيا والتشبيه بمن يتمنى الخلود فيها مع ما فيه من اللهو عن ذكر الله والتفاخر والتطاول على الفقراء وقد ذم الله فاعليه بقوله * (وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون) * [الشعراء: 129] (إلا ما لا إلا ما لا) بد منه لوقاية حر وبرد وستر عيال ودفع لص ونحو ذلك مما لا غنى له عنه ويختلف باختلاف الأحوال والأشخاص فرب بناء ليس وبالا على إنسان وبال على غيره والأمور بمقاصدها والأعمال بالنيات (د عن أنس) قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبة مشرفة فقال ما هذه قالوا لفلان فسكت حتى جاء فأعرض عنه فشكا لأصحابه فأخبر الخبر فهدمها فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرها فسأل فقالوا شكا إلينا صاحبها إعراضك فأخبرناه فهدمها فذكره قال ابن حجر رجاله موثوقون إلا الراوي عن أنس وهو أبو طلحة الأسدي غير معروف وله شواهد عن وائلة عند الطبراني.
1586 - (أما إن كل بناء وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما كان في مسجد أو أو أو) أي أو كان في مدرسة مثلا أو كان في رباط أو كان في خان مسبل ونحو ذلك مما يقصد به البر والإحسان كصهريج وبئر وقنطرة وحوض وغير ذلك مما قصد ببنيانه التقرب إلى الله وما عدا ذلك فهو مذموم شرعا وعرفا.
مر حكيم على بناء فقيل له كيف تراه قال بناء شديد وأمل بعيد وعيش زهيد، وقيل: خلق ابن آدم من تراب فهمته في التراب وخلقت المرأة من الرجل فهمتها في الرجل (تنبيه) قال الداودي ليس الغرس كالبناء لأن من غرس ونيته طلب الكفاف أو لفضل ما ينال منه ففي ذلك الفضل لا الإثم وقال ابن حجر لاشك أن في الغرس من الأجر من أجل ما يؤكل منه ما ليس في البناء وإن كان في بعض البناء ما فيه أجر كالذي يحصل نفعه بغير الباني فإنه يحصل للباني به الثواب (حم ه عن أنس) بن مالك.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»