1557 - (اللهم إني أتخذ عندك عهد (1) أي وعدا وعبر به عنه تأكيدا وإشعارا بأنه من المواعيد التي لا يتطرق إليها الخلف كالمواثيق ولذا أستعمل فيه الخلف فقال (لن تخلفنيه) للمبالغة وزيادة التأكيد ذكره القاضي وقال التوربشتي العهد هنا الإيمان أسألك إيمانا لن تجعله خلاف ما أرتجيه، فوضع الاتخاذ موضع السؤال تحقيقا للرجاء. وقال الطيبي أصله طلبت منك حاجة تسعفني إياها ولا تخيبني فيها فوقع العهد الموثق محل الحاجة مبالغة في تحقيق قضائها ووضع لن تخلفنيه محل لا تخيبني نظرا إلى أن الألوهية منافية لخلف الوعد (فإنما أنا بشر) أي خلق إنسان قدمه تمهيدا لعذره أي يصدر مني ما هو من لوازم البشرية من الغضب ثم شرع يبين ويفصل ما التمسه بقوله (فأيما مؤمن) الفاء جواب شرط محذوف أي إن كنت سببت مؤمنا فأيما مؤمن (آذيته أو شتمته أو جلدته أو لعنته) تعزيرا له (فاجعلها) أي الكلمات المفهمة شتما أو نحو لعنة (صلاة) أي رحمة وإكراما وتعطفا (وزكاة) أي طهارة من الذنوب (وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة) ولا تعاقبه بها في العقبى والمراد أسألك أن تجعله خلاف ما يراد منه بأن تجعل ما بدا مني تطهيرا ورفع درجة للمقول له ذلك واعلم أن الذي رأيته في نسخ الكتاب أثبت أو في شتمته وما بعده وفي المصابيح بغير عطف وعليه قال القاضي قابل أنواع الفظاظة والإيماء بما يقابلها من أنواع التعطف والألطاف وعد الأقسام الأول متناسية بغير عطف وذكر ما يقابلها بالواو لما كان المطلوب معارضة كل واحدة من تلك بهذه فإن قيل يجئ أنه لم يكن لعانا (2) وأن صيغة المبالغة في مقام المدح يقتضي تفي أصل الفعل فما فائدة هذا مع كون الشتم واللعن من الفحش وهو غير فاحش؟ فالجواب أن المعنى إن وقع مني ذلك فاجعله كذا ولا مانع من فرض ما لا يقع إلا نادرا (ق) في الدعوات (عن أبي هريرة) بألفاظ متقاربة واللفظ لمسلم أقرب.
(١٩٣)