فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٩٠
(والجنون والجذام) استعاذته منها تعليم للأمة وإظهار للعبودية (ومن سئ الأسقام (1)) نص على تلك الثلاثة مع دخولها في الأسقام لكونها أبغض شئ إلى العرب ولهم عنها نفرة عظيمة ولهذا عدوا من شروط الرسالة السلامة من كل ما ينفر الخلق ويشوه الخلق (حم د ن عن أنس) قال في الرياض بعد عزوه لأبي داود بإسناد صحيح.
1550 - (اللهم اجعل بالمدينة ضعفي) تثنية ضعف بالكسر قال في القاموس ضعف الشئ مثله وضعفاه مثلاه والضعف المثل إلى ما زاد ويقال ولك ضعفه يريدون مثليه وثلاثة أمثاله لأنه زيادة غير محصورة: أي اللهم اجعل بالمدينة مثلي (ما جعلت بمكة من البركة) الدنيوية بدليل قوله في الخبر الآتي اللهم بارك لنا في مدنا وصاعنا أو الأخروية أو هما على ما مر لكن هذا في غير ما خرج بدليل كتضعيف الصلاة بمكة على المدينة، قال النووي حصلت البركة في نفس الكل بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها وذا محسوس عند ساكنيها (حم ق عن أنس) بن مالك.
1551 - (اللهم رب الناس) أي الذي رباهم بإحسانه وعاد عليهم بفضله وحذف حرف النداء إشهارا بما له من القرب لأنه في حضرة المراقبة (مذهب) بضم فسكون مزيل (الباس) شدة المرض (إشف) ابرئ (أنت) لا غيرك (الشافي) المداوي من المرض المبرئ، ومنه فيه جواز تسمية الله بما ليس في القرآن إذا ورد به خبر صحيح كما هنا وهو القول الذي عليه التعويل قال القرطبي الشافي اسم فاعل من شفاء وأل فيه بمعنى الذي وليس باسم الله (لا شافي إلا أنت) فيه أن كل ما يقع في التداوي إنما ينجع بتقدير الله (اشف شفاء) مصدر منصوب باشف وقد يرفع خبر مبتدأ أي هو (لا يغادر) بغين معجمة لا يترك وفائدته أنه قد يحصل الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر (سقما) بضم فسكون وبفتحتين مرضا ولا يشكل الدعاء بالشفاء مع أن المرض كفارة لأن الدعاء عبادة ولا ينافي الثواب والكفارة لحصولهما بأول المرض وبالصبر عليه والداعي ما يحصل له مطلوبه أو يعوضه (حم ق س 3 عن أنس) بن مالك.
1552 - (اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة) يعني الصحة والكفاف والعفاف والتوفيق للخير (وفي الآخرة حسنة) يعني الثواب والرحمة (وقنا) بالعفو والمغفرة (عذاب النار) الذي استحقيناه بسوء

(1) أي الأسقام السيئة أي الرديئة والاستسقاء وذات الجنب.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»