أعمالنا. وقول علي كرم الله وجهه: الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة وفي الآخرة الحور وعذاب النار امرأة السوء وقول الحسن الحسنة في الدنيا العلم والعبادة، وفي الآخرة الجنة، ومعنى وقنا عذاب النار احفظنا من كل شهوة وذنب يجر إليها: أمثلة للمراد بها (ق عن أنس بن مالك) قال: عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كنت تدعو الله بشئ أو تسأله إياه؟ قال نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبني به في الآخرة فجعله لي في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحن لا نطيقه أو لا نستطيعه، أولا قلت: اللهم آتنا إلخ؟ قال فدعا الله به فشفاه الله.
1553 - (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن) ليس العطف لاختلاف اللفظ مع اتحاد المعنى كما ظن بل الهم إنما يكون في أمر متوقع والحزن فيما وقع والهم هو الحزن الذي يذيب الإنسان فهو أشد من الحزن وهو خشونة في النفس لما يحصل فيها من الغم فافترقا وقال القاضي الفرق بين الهم والحزن أن الحزن على الماضي والهم للمستقبل، وقيل الفرق بالشدة والضعف فإن الهم من حيث إن تركيبه أصل في الذوبان يقال أهمني المرض بمعنى أذابني وسنام مهموم مذاب وسمي به ما يعتري الإنسان من شدائد الغم لأنه ببدنه أبلغ وأشد من الحزن الذي أصله الخشونة (والعجز) القصور عن فعل الشئ وهو ضد القدرة، وأصله التأخر عن الشئ وصار في التعارف اسما للقصور عن فعل الشئ، وللزومه الضعف والقصور عن الإتيان بالشئ استعمل في مقابلة القدرة واشتهر فيها (والكسل) التثاقل عن الشئ مع وجود القدرة والداعية (والبخل والجبن وضلع الدين) بفتحتين ثقله الذي يميل بصاحبه عن الاستواء والضلع بالتحريك الاعوجاج (وغلبة الرجال) شدة تسلطهم بغير حق تغلبا وجدلا فالإضافة للفاعل أو هيجان النفس من شدة الشق فالإضافة للمفعول. قال ابن القيم كل اثنين منها قرينتان فالهم والحزن قرينتان إذ المكروه الوارد على القلب إن كان من مستقبل يتوقعه أحدث الهم أو من ماض أحدث الحزن، والعجز والكسل قرينتان فإن تخلف العبد عن أسباب الخير إن كان لعدم قدرته فالعجز أو لعدم إرادته فالكسل، والجبن والبخل قرينتان فإن عدم النفع إن كان ببدنه فالجبن أو بماله فالبخل، وضلع الدين وقهر الرجال قرينتان فإن استعلا الغير عليه إن كان بحق فضلع الدين أو بباطل فهم الرجال (تنبيه) قال بعض العارفين يجب التدقيق في فهم كلام النبوة ومعرفة ما انطوى تحته من الأسرار ولا تقف مع الظاهر فالمحقق ينظر ما سبب حصول القهر من الرجال فيجده من الحجاب عن شهود كونه سبحانه هو المحرك لهم حتى قهروه فيرجع إلى ربه فيكفيه قهرهم والواقف مع الظاهر لا يشهده من الحق بل من الخلق فلا يزال في قهر ولو شهد الفعل من الله لزال القهر ورضي بحكم الله فما وقعت الاستعاذة إلا من سبب القهر الذي هو الحجاب (حم ق ن) كلهم (عن أنس) بن مالك بألفاظ متقاربة واللفظ للبخاري.