فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٩٧
التمس شيئا على كل حال وإن قل فإنه لما أمر بالالتماس أمرا مطلقا خشي توهم خروج خاتم الحديث عن الملتمسات فأكد دخوله فيها بالواو المدخلة ما بعدها فيما قبلها فنصب بإضمار فعل دل عليه ما قبله قال التوربشتي وخاتم الحديد وإن نهى عن التختم به لكنه لم يدخل بذلك في جملة ما لا قيمة له وفي بعض نسخ مسلم ولو خاتم أي ولو هو خاتم أو ولو فص خاتم (من حديد) وفيه أنه ينبغي أن لا يعقد نكاح إلا بصداق لأنه أقطع للنزاع وأنفع للمرأة لو طلقت قبل دخول وأنه غير مقدر فيجوز بأقل متمول أو خاتم الحديد غالية القلة فهو رد على مالك في جعله أقله ما يجب فيه القطع وأبي حنيفة عشرة دراهم وحل نكاح المعسر واتخاذ خاتم حديد وغير ذلك (تتمة) قال في شرح اللمع سمي الحديد حديدا لأن الحد لغة المنع وهو يمنع من وصول السلاح إلى البدن وسمي البواب والسجان حدادا لمنعه من في المحل من الخروج (حم ق د عن سهل بن سعد) ظاهره أنه لم يخرجه من الستة إلا الثلاثة والأمر بخلافه بل رواه الجماعة كلهم بألفاظ متقاربة.
1565 - (التمسوا الجار قبل الدار) أي قبل شرائها، هكذا جاء في رواية القضاعي يعني اطلبوا حسن سيرته وابحثوا عنها وقال الراغب قيل لرابعة ألا تسألين الله الجنة فقالت: الجار ثم الدار (والرفيق قبل الطريق) أي أعد لسفرك رفيقا قبل الشروع فيه فإن لكل مفازة غربة وفي كل غربة وحشة وبالرفيق تذهب الوحشة ويحصل الأنس ومن ثم قيل ما أضيق الطريق على من لم يكن له رفيق ثم إنه ليس كل رفيق يكفي في الرفقة بل لابد من المشاكلة والمجانسة ومن ثم قيل انظر من ترافق أو تجالس فقل نواة طرحت مع حصاة إلا أشبهتها ومما يعزى لعلي كرم الله وجهه:
لا تصحب أخا الجهل * وإياك وإياه فكم من جاهل أردى * حليما حين آخاه يقاس المرء بالمرء * إذا ما المرء ما شاء وللشئ على الشئ * مقاييس وأشباه وللقلب على القلب * دليل حين يلقاه قال الكمال: والالتماس الطلب مع التساوي بين الآمر والمأمور في الرتبة وذهب الصوفية إلى أن المراد بالرفيق الشيخ الذي يؤخذ عنه والطريق ما يمشي فيه السالك ويقطعه بالمعاملات والمقامات والأحوال والمعارف لأن في المعارف والأحوال الإسفار عن أخلاق المسافرين ومراتب العلم ومنازل الأسماء والحقائق ولذلك استحقت هذا اللقب ولما كان الإنسان مجموع العالم ونسخة الحضرة الإلهية التي هي ذات وصفات وأحوال احتاج إلى مطرق يطرق له السلوك إليها والسفر فيها ليرى العجائب ويقتني العلوم والأسرار فإنه سفر تجارة والمطرق الرفيق الذي هو الشيخ والطريق هي الشريعة فمن يسافر بغير رفيق ثقة ضل وأضل ومن سافر بشيخ ثقة وصل إلى الحقيقة (طب) من حديث عثمان بن عبد الله الطرائقي عن أبان بن مجير عن سعيد بن معروف (عن) أبيه (رافع بن خديج) بفتح المعجمة
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»