فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٥٧
والجبن) قال الطيبي الجود إما بالنفس أو بالمال ويسمى الأول شجاعة والثاني سخاوة ويقابلها البخل ولا تجتمع الشجاعة والسخاوة إلا في نفس كاملة ولا ينعدمان إلا في متناه في النقص (ومن الهرم وأن أرد إلى أرذل العمر) أي إلى آخره في حال الهرم والخوف والعجز والضعف وذهاب العقل والأرذل من كل شئ الردئ منه. قال الطيبي: المطلوب عند المحققين من العمر التفكير في آلاء الله ونعمائه تعالى من خلق الموجودات فيقيموا بموجب الشكر بالقلب والجوارح والخوف والفاقد لهما فهو كالشئ الردئ الذي لا ينتفع به فينبغي أن يستعاذ منه (ومن فتنة الدجال) محنته والفتنة الامتحان والاختبار استعيرت لكشف ما يكره والدجال فعال بالتشديد من الدجل التغطية سمي به لأنه يغطي الحق بباطله (وعذاب القبر) عقوبته ومصدره التعذيب فهو مضاف للفاعل ومجازا أو هو من إضافة المظروف أظرفه أي ومن عذاب في القبر أضيف للقبر لأنه الغالب وهو نوعان دائم ومنقطع (ومن فتنة المحيا) بفتح الميم ما يعرض للمرء مدة حياته من الافتتان بالدنيا وشهواتها والجهالات أو هي الابتلاء مع زوال الصبر (والممات) أي ما يفتن به عند الموت أضيفت له لقربها منه أو المراد فتنة القبر أي سؤال الملكين والمراد من شر ذلك. قال الكمال والجمع بين فتنة الدجال وعذاب القبر وبين فتنة المحيا والممات من باب ذكر العام بعد الخاص.
(اللهم إنا نسألك) أي نطلب منك ونتضرع إليك (قلوبا أواهة) أي متضرعة أو كثيرة الدعاء أو كثيرة البكاء (مخبتة) أي خاشعة مطيعة متواضعة (منيبة) راجعة إليك بالتوبة مقبلة عليك (في سبيلك) أي الطريق إليك.
(اللهم إنا نسألك عزائم مغفرتك) حتى يستوي المذنب التائب والذي لم يذنب قط في منال رحمتك (ومنجيات أمرك) أي ما ينجى من عقابك ويصون عن عذابك (والسلامة من كل إثم) معصية (والغنيمة من كل بر) بكسر الباء خير وطاعة (والفوز بالجنة والنجاة من النار) عذابها وسبق أن هذا مسوق للتشريع وفيه دليل على ندب الاستعاذة من الفتن ولو علم المرء أنه يتمسك فيها بالحق لأنها قد تفضي إلى وقوع ما لا يرى بوقوعه. قال ابن بطال: وفيه رد للحديث الشائع لا تستعيذوا بالله من الفتن فإن فيها حصاد المنافقين. قال ابن حجر: قد سئل عنه قديما ابن وهب فقال إنه باطل (ك) في الدعاء (عن ابن مسعود) وقال صحيح الإسناد، قال الحافظ العراقي: وليس كما قال إلا أنه ورد في أحاديث جيدة الإسناد.
1491 - (اللهم اجعل أوسع رزقك) هو نوعان ظاهر للأبدان كالقوت وباطن للقلوب
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»