فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٦٠
(اللهم بارك لنا في مدينتنا) أي أكثر خيرها (اللهم بارك لنا في صاعنا) أي فيما يكال بصاع مدينتنا (اللهم بارك لنا في مدنا) أي فيما يكال به ثم يحتمل كون البركة دينية وتكون بمعنى الثبات أي ثبتنا في أداء حقوق الحق المتعلقة بهذه المقادير وكونها دنيوية وتكون بمعنى الزيادة حيث يكفي المد لمن لا يكفيه في غيرها ويحتمل الأمران معا.
(اللهم اجعل مع البركة) التي في غيرها (بركتين) فيها فتصير البركة فيها مضاعفة (والذي نفسي بيده) أي بتقديره وتدبيره (ما من المدينة شعب) بكسر الشين فرجة نافذة بين جبلين (ولا نقب) بفتح النون وسكون القاف طريق بين جبلين (إلا عليه ملكان) بفتح اللام (يحرسانها) من العدو (حتى تقدموا إليها) أي من سفركم هذا وكان هذا القول حين كانوا مسافرين للغزو وبلغهم أن بعض الطوائف يريد الهجوم عليها أو فعل وتمسك بهذا الخبر وما قبله من ذهب إلى تفضيل المدينة على مكة وقال: التضييق شامل للأمور الدينية أيضا (م عن أبي سعيد) الخدري.
1496 - (اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم) أي ما يأثم به الإنسان أو ما فيه أو إثم أو ما يوجب الإثم أو الإثم نفسه وضعا للمصدر موضع الاسم (والمغرم) أي مغرم الذنوب والمعاصي أو هو الدين فيما لا يحل أو فيما يحل لكن يعجز عن وفائه أما دين احتاجه وهو يقدر على أدائه فلا استعاذة منه أو المراد الاستعاذة من الاحتياج إليه واستعاذته تعليم لأمته وإظهار للعبودية والافتقار وفي حديث صحيح قال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول الله قال: الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف (ومن فتنة القبر) التحير في جواب منكر ونكير (وعذاب القبر) عطف عام على خاص فعذابه قد ينشأ عنه فتنة بأن يتحير فيعذب لذلك وقد يكون لغير ما كان يجيب بالحق ولا يتحير ثم يعذب على تفريطه في بعض المأمورات أو المنهيات كإهمال التنزه عن البول (ومن فتنة النار) سؤال خزنتها وتوبيخهم كما يشير إليه * (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها) * [الملك: 8] الآية (وعذاب النار) أي إحراقها بعد فتنتها كذا قرر بعضهم وقال الطيبي قوله فتنة النار أي فتنة تؤدي إلى عذاب النار وإلى عذاب القبر لئلا يتكرر إذا فسر بالعذاب (ومن شر فتنة الغنى) أي البطر والطغيان والتفاخر وصرف المال في المعاصي (وأعوذ بك من فتنة الفقر) حسد الأغنياء والطمع في مالهم والتذلل لهم بما يدنس العرض ويسلم الدين ويوجب عدم الرضا بما قسم ذكره البيضاوي وقال الطيبي الفتنة إن فسرت بالمحنة والمصيبة فشرها أن لا يصير الرجل على لأوائها ويجزع منها وإن فسرت بالامتحان والاختبار فشرها أن لا يحمد في السراء ولا يصبر في الضراء وذكر لفظ شر في الفقرة الأولى دون الثانية وهو ما وقع
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»