فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٥٩
أستقله قال الشاذلي: من أجل مواهب الله الرضا بمواقع القضاء والصبر عند نزول البلاء والتوكل على الله عند الشدائد والرجوع إلى الله عند النوائب فمن خرجت له هذه الأربع من خزائن الأعمال على بساط المجاهدة فقد صحت ولايته لله ورسوله والمؤمنين * (ومن يتول الله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) * [المائدة: 56] وقال الغزالي: من لم يرض بالقضاء يكن مهموما مشغول القلب أبدا بأنه لم كان كذا ولماذا لا يكون كذا فإذا اشتغل القلب بشئ من هذه الهموم كيف يتفرغ للعبادة إذ ليس للإنسان إلا قلب واحد (تنبيه) قال ابن عربي: لا يلزم الراضي بالقضاء الرضا بالمقضي فالقضاء حكم الله وهو الذي أمرنا بالرضا به والمقضي المحكوم به فلا يلزم الرضا به (البزار) في مسنده (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي وفيه أبو مهدي سعيد بن سنان وهو ضعيف الحديث.
1494 - (اللهم إن إبراهيم كان عبدك وخليلك) من الخلة الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فملأته (دعاك لأهل مكة) علم للبلد الحرام ومكة وبكة لغتان (بالبركة) بقوله * (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) * [إبراهيم: 37] الآية ولمكة أسماء كثيرة جمعها صاحب القاموس في مؤلف مستقل وفي تاريخ القطب أن من خواص اسمها أنه إذا كتب بدم الرعاف على جبين المرعوف مكة وسط البلاد والله رؤوف بالعباد انقطع الدم (وأنا محمد عبدك ورسولك) لم يذكر الخلة لنفسه مع أنه أيضا خليل كما في خبر اتخذ الله صاحبكم خليلا تواضعا ورعاية للأدب حيث لم يساو نفسه بأبيه (أدعوك لأهل المدينة (1) - طيبة - أن تبارك لهم في مدهم وصاعهم) أي فيما يكال بهما بركة (مثل ما باركت لأهل مكة مع البركة بركتين) أي أدعوك لهم بضعف ما دعاك إبراهيم لمكة والمد مكيال معروف وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز ورطلان عند أهل العراق والصاع خمسة أرطال وثلث عند أهل الحجاز وثمانية أرطال عند أهل العراق (ت عن علي) أمير المؤمنين ورواه أيضا عن أبي قتادة قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح.
1495 - (اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حراما وإني حرمت المدينة) أي جعلتها حراما (ما بين مأزميها) تثنية مأزم بالهمز وزاي مكسورة الجبل أو المضيق بين الجبلين وحرمتها (أن لا يراق فيها دم) أي لا يقتل فيها آدمي معصوم بغير حق (ولا يحمل فيها سلاح لقتال) عند فقد الاضطرار (ولا تخبط) أي تضرب (فيها شجرة) قال في الصحاح: خبط الشجرة ضربها بالعصى ليسقط ورقها (إلا لعلف) بسكون اللام ما تأكله الماشية.
- - - (1) لفظ المدينة صار علما بالغلبة على طيبة فإذا أطلق انصرف إليها.
- - - -
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»