فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٠٣
خلاف ما في الباطن. اه‍. وبسطه بعضهم فقال: أراد نفاق العمل لا الاعتقاد، ولأن المنافق أظهر الإيمان بالله لله وأضمر عصمة دمه وماله. والمرائي أظهر بعلمه الآخرة وأضمر ثناء الناس وعرض الدنيا، والقارئ أظهر أنه يريد الله وحده وأضمر حظ نفسه وهو الثواب ويرى نفسه أهلا له وينظر إلى عمله بعين الإجلال فأشبه المنافق واستويا في مخالفة الباطن والظاهر (تنبيه) قال الغزالي: أحذر من خصال القراء الأربعة: الأمل والعجلة والكبر والحسد قال وهي علل تعتري سائر الناس عموما والقراء خصوصا. ترى القارئ يطول الأمل فيوقعه في الكسل وتراه يستعجل على الخير فيقطع عنه، وتراه يحسد نظراءه على ما أتاهم الله من فضله فربما يبلغ به مبلغا يحمله على فضائح وقبائح لا يقدم عليها فاسق ولا فاجر ولهذا قال النووي: ما أخاف على ذمي إلا القراء والعلماء، فاستنكروا منه ذلك، فقال ما أنا قلته وإنما قاله إبراهيم النخعي. وقال عطاء: احذروا القراء واحذروني معهم، فلو خالفت أودهم لي في رمانة أقول أنها حلوة ويقول إنها حامضة ما أمنته أن يسعى بدمي إلى سلطان جائر. وقال الفضيل لابنه: اشتروا دارا بعيدة عن القراء، مالي والقوم إن ظهرت مني زلة قتلوني، وإن ظهرت علي حسنة حسدوني؟ ولذلك ترى الواحد منهم يتكبر على الناس ويستخف بهم معبسا وجهه كأنما يمن على الناس بما يصلي زيادة ركعتين أو كأنما جاءه من الله منشور بالجنة والبراءة من النار، أو كأنه استيقن السعادة لنفسه والشقاوة لسائر الناس ثم مع ذلك يلبس لباس المتواضعين ويتماوت وهذا لا يليق بالتكبر والترفع ولا يلائمه بل ينافيه لكن الأعمى لا يبصر (حم طب هب عن ابن عمرو) بن العاص قال في الميزان إسناده صالح (حم طب عن عقبة بن عامر طب عد عن عصمة بن مالك) قال الحافظ العراقي فيه ابن لهيعة، وقال الهيثمي أحد أسانيد أحمد ثقات سند الطبراني فيه الفضل بن المختار ضعيف.
1385 - (أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين) وفي رواية بالنفس وفسر بالعين، وذلك لأن هذه الأمة فضلت باليقين على سائر الأمم فحجبوا أنفسهم بالشهوات فعوقبوا بآفة العين، فإذا نظر أحدهم بعين الغفلة كانت عينه أعظم والذم له ألزم * (قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم) * [آل عمران: 73] فلما فضلهم الله باليقين لم يرض منهم أن ينظروا إلى الأشياء بعين الغفلة وتتعطل منة الله عليهم وتفضيله لهم. ذكره الحكيم (الطيالسي) أبو داود (تخ والحكيم) الترمذي (والبزار) في مسنده والضياء في المختارة كلهم عن جابر بن عبد الله قال الحافظ في الفتح سنده حسن وتبعه السخاوي وقال الهيثمي بعد ما عزاه للبزار رجاله رجال الصحيح خلا طلب ابن حبيب ابن عمرو وهو ثقة.
1386 - (أكثر الناس ذنوبا) وفي رواية أكثرهم خطايا (يوم القيامة) خصه لأنه يوم وقوع الجزاء وكشف الحقائق (أكثرهم كلاما فيما لا يعنيه) أي شغله بما لا يعود عليه نفع أخروي، لأن من كثر
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»