فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٣٨
وتخرقت وجد في رجليه غيرها، فليس المراد باستكثارها لبس أكثر من نعل في حالة واحدة كما قد يظن ثم علل ذلك بقوله (فإن الرجل) وصف طردي وإنما خصه لأنه يكثر المشي فيحتاج للنعل (لا يزال راكبا ما دام منتعلا) لفظ رواية مسلم ما انتعل: أي هو شبيه بالراكب مدة دوامه لابسا للنعل في خفة المشقة وقلة النصب وسلامة رجله من نحو أذى أو شوك وفيه إشارة إلى ندب الاستعداد لأهبة السفر وخص الرجل لأن السفر غالبا إنما يكون للرجال فإن سافرت أثنى أو خنثى فهي كالرجال قال القرطبي: هذا كلام بليغ ولفظ فصيح لا ينسج على منواله ولا يؤتى بمثاله وهو إرشاد إلى المصلحة وتنبيه على ما يخفف المشقة فإن الحافي المديم للحفا يلقي من الألم والمشقة بالعثار وغيره ما يقطعه عن المشي ويمنعه من الوصول لمقصده والمنتقل يمكنه إدامة المشي فيصل لمقصوده كالراكب فلذلك شبه به (حم تخ م ن عن جابر) بن عبد الله قال سمعت المصطفى صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها يقول فذكره (طب عن عمران بن حصين) قال الهيتمي: فيه مجاعة بن الزبير لا بأس به في نفسه وضعفه الدارقطني وبقية رجاله ثقات (طس عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيتمي فيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف.
1000 - (استكثروا من) قول (لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها) أي هذه الكلمة (تدفع) عن قائلها (تسعة وتسعين بابا) أي وجها، إذ كل باب وجه (من) وجوه (الضر أدناها الهم) أو قال الهرم، هكذا هو على الشك عند مخرجه لخاصية فيها علمها الشارع، والظاهر أن المراد بهذا العدد التكثير لا التحديد قياسا على نظائره. والضر بالضم الهزال وسوء الحال والفاقة والفقر، وبالفتح مصدر ضره يضره إذا فعل به مكروها (عق عن جابر) بن عبد الله قال شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فلم يشكنا وقال استكثروا إلى آخره وفيه بلفظ ابن عباد عن ابن المنكدر لا يعرف قال في الميزان والخبر منكر قال في اللسان وخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبيه عن ابن ناضية عن ابن أبي عمر به والطبراني في الصغير وقال بلهط عندي ثقة انتهى وبه يعرف أن إيثار المصنف للعقيلي واقتصاره عليه غير صواب.
1001 - (استكثروا من الإخوان) أي من مؤاخاة المسلمين الأخيار (فإن لكل مؤمن شفاعة) عند الله تعالى ذلك إكراما لهم (يوم القيامة) فكلما كثرت إخوانكم كثرت شفعاؤكم وذلك أرجى للفلاح وأقرب للصلاح والنجاح وخرج بقولنا من الأخيار إخوان هذا الزمان فينبغي الإقلال منهم.
قال ابن الرومي:
عدوك من صديقك مستفاد * فلا تكثرن من الصحاب فإن الداء أكثر ما تراه * يكون من الطعام أو الشراب
(٦٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 633 634 635 636 637 638 639 640 641 642 643 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة