فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٤٣
كما تخرج النخلة من النواة (من ضلع) بكسر ففتح أو فسكون. قال القاضي: والضلع بكسر فسكون واحد الأضلاع استعير للمعوج صورة ومعنى، وقيل أراد به أن أول النساء خلقت من ضلع فإن حواء خرجت من ضلع آدم قيل الأيسر وقيل القصرى كما تخرج النخلة من النواة ثم جعل محلها لحم (فإن ذهبت نفييمه كسرته) أي إن أرادت منها تسوية اعوجاجها أدى إلى فراقها، فهو ضرب مثل للطلاق (وإن تركته) أي لم تقمه (لم يزل أعوج) فلا يطمع في استقامتهن البتة (وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه) ذكر تأكيد لمعنى الكسر وإشارة إلى أنها خلقت من أعوج آخر الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن أو ضربه مثلا لأعلى المرأة لأن أعلاها رأسها وفيه لسانها وهو الذي يحصل به الأذى، وأعاد الضمير مذكرا على تأويله بالعضو وإلا فالضلع مؤنثة وقول الزركشي تأنيثه غير حقيقي فلذلك ذكر رده الدماميني بأن معاملة المؤنث غير الحقيقي معاملة المذكر إنما هو بالنسبة إلى ظاهره إذا أسند إليه مثل طلع الشمس وأما مضمره فكالمؤنث الحقيقي في وجوب التأنيث (فاستوصوا) أيها الرجال (بالنساء خيرا) ختم بما به بدأ إشعارا بكمال طلب الوصية بهن وزاد التأكيد بالإظهار في محل الإضمار، وفيه رمز إلى أن التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه ولا يترك فيستمر أعوج فالمبالغة ممنوعة وتركها على العوج ممنوع وخير الأمور أوسطها (فائدة) أخرج أبو بكر ابن السراج أن إبراهيم الخليل شكى إلى ربه سوء خلق سارة فأوحى الله إليه: إنما هي من ضلع فارفق بها أما ترضى أن تكون نصيبك من المكروه؟
وقد نظم بعضهم هذا المعنى فقال:
هي الضلع العوجاء لست تقيمها * ألا إن تقويم الضلوع انكسارها تجمع ضعفا واقتدارا على الفتى * أليس عجبا ضعفها واقتدارها وهذا الحديث قد عد من الحكم والأمثال (ق عن أبي هريرة) ورواه النسائي أيضا.
1013 - (استووا) أي اعتدلوا في الصلاة بأن تقوموا على سمت واحد لأن التسوية للصفوف من شأن الملائكة، ولأن تقدم البعض ربما أوغر صدور الباقين وشوش خشوعهم كما أشار إليه بقوله (ولا تختلفوا) أي لا يتقدم بعضكم على بعض في الصفوف (فتختلف قلوبكم) وفي رواية صدوركم. قال الطيبي: وقوله فتختلف بالنصب من قبيل لا تدن من الأسد فيأكلك، وفيه أن القلب تابع للأعضاء فإن اختلفت اختلف وإذا اختلف فسد ففسدت الأعضاء لأنه رئيسها (وليليني منكم) أي ليقرب مني:
من ولي إذا قرب، والولي القرب والدنو، وقوله ليليني بكسر اللامين وياء مفتوحة بعد اللام وشدة النون، وبحذف الياء وخفة النون: روايتان ذكرهما النووي في عدة كتب، وغيره، وبه رد قول الطيبي: وحق هذا اللفظ أن تحذف منه الياء لأنه صيغة أمر، وقد ورد بإثباتها وسكونها في سائر الكتب
(٦٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 638 639 640 641 642 643 644 645 646 647 648 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة