البدن والأمن من الدين. وزعم أن المراد من الحديث التزويج لخبر تزوجوا فإنهن يأتين بالمال بعيد (عد عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الديلمي في الفردوس لكن بيض له ولده لسنده، ثم إن ظاهر كلام المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل تمامه عشاء ليلة وغداء يوم.
990 - (استغنوا عن الناس) أي تعففوا عن مسألتهم والمراد أن العبد يشعر قلبه فقر الخلق إلى ربهم وعجزهم وأنهم تحت قهر قدرة موجدهم ويكف همم نفسه عن التطلع إليهم وإلى ما في أيديهم وجوارحه عن الإقبال عليهم ويقنع بما قسم له (ولو بشواص السواك) بضم الشين المعجمة وفتحها أي بغسالته أو بما تفتت منه عند التسوك يعني اقنعوا بأدنى ما يسد الرمق حتى لو فرض أنه يسده غسالة السواك أو ما تفتت منه فاقنعوا به وألزموا أنفسكم الاستغناء عنهم وكفوها عن الطمع فيهم والنظر إلى ما في أيديهم وقيل المراد لا تطلبوا منهم غسل السواك مبالغة. قال العسكري: وقد روي بضم الشين وبفتحها (البزار) الحافظ أحمد في مسنده (طب هب عن ابن عباس) قال الحافظ العراقي بعد ما عزاه للبزار والطبراني إسناده صحيح. وقال تلميذه الحافظ الهيتمي رجاله ثقات وقال السخاوي رجال هذا الخبر ثقات وحينئذ فرمز المصنف لضعفه غير صواب.
991 - (استفت نفسك) المطمئنة الموهوبة نورا يفرق بين الحق والباطل والصدق والكذب، إذ الخطاب لوابصة وهو يتصف بذلك وفي رواية قلبك أي عول على ما فيه لأن للنفس شعورا بما تحمد عاقبته أو تذم (وإن) غاية لمقدر دل عليه ما قبله أي فالتزم العمل بما في نفسك ولو (أفتاك المفتون) بخلافه لأنهم إنما يطلعون على الظواهر وهم بضم الميم جمع مفتي وفي بعض الحواشي بالفتح من الفتنة بمعنى الاختبار والضلال لكن كل من رأيناه شرح الحديث إنما يبني كلامه على معنى الضم وعليه قال حجة الإسلام: ولم يرد كل أحد لفتوى نفسه وإنما ذلك لوابصة في واقعة تخصه انتهى قال البعض:
وبفرض العموم فالكلام فيمن شرح الله صدره بنور اليقين فأفتاه غيره بمجرد حدس أو ميل من غير دليل شرعي وإلا لزمه اتباعه وإن لم ينشرح له صدره انتهى وبما بحثه صرح حجة الإسلام لكن بزيادة بيان وإحسان فقال ما محصوله ليس للمجتهد أو المقلب إلا الحكم بما يقع له أو لمقلده ثم يقال للورع استفت قلبك وإن أفتوك إذ للإثم حزازات في القلوب فإذا وجد قابض مال مثلا في نفسه شيئا منه فليتق الله ولا يترخص تعللا بالفتوى من علماء الظاهر فإن لفتاويهم قيودا ومطلقات من الضرورات وفيها تخمينات واقتحام التوقي عنها من شيم ذوي الدين وعادات السالكين لطريق الآخرة (تتمة) قال العارف سهل التستري خرج العلماء والزهاد والعباد من الدنيا وقلوبهم مقفلة ولم تفتح إلا قلوب الصديقين والشهداء ولولا أن إدراك قلب من له قلب بالنور الباطني حاكم على علم الظاهر لما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم استفت قلبك، فكم من معان دقيقة من أسرار القرآن تخطر على قلب المتجرد للذكر والفكر وتخلو عنها زبر التفاسير ولا يطلع عليها أفاضل المفسرين ولا محققو الفقهاء