فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٣٤
المعتبرين (تخ عن وابصة) بكسر الموحدة وفتح المهملة بن معبد الأزدي وفد سنة تسع وكان بكاءا وقبره بالرقة ورمز المصنف لحسنه ورواه الإمام أحمد والدارمي في مسنديهما قال النووي في رياضه إسناده حسن وتبعه المؤلف فكان ينبغي له الابتداء بعزوه كعادته ورواه أيضا الطبراني قال الحافظ العراقي وفيه عنده العلاء بن ثعلبة مجهول.
992 - (استفرهوا) ندبا (ضحاياكم) أي استكرموها فضحوا بالكريمة الشابة المليحة الحسنة المنظر والسير الفارهة المليحة والفتية ويقال هو يستفره الأفراس يستكرمها كما في القاموس وفي مختار الصحاح عن الأزهري الفارة من الناس المليح الحسن ومن الدواب الجيد السير انتهى. هذا هو المراد هنا وأما ما فسروا به الفارة من أنه الحاذق بالشئ فلا يتأنى هنا ثم علل ذلك بقوله (فإنها مطاياكم) جمع مطية وهي الناقة التي يركب مطاها أي ظهرها (على الصراط) أي فإن المضحي يركبها ويمر بها على الصراط ويستمر عليها حتى توصله إلى الجنة فإذا كانت سريعة مرت على الصراط بخفة ونشاط وسرعة. وحكمة جعلها مطايا في ذلك اليوم دون غيرها من الخيل وغيرها أن ذلك علامة في ذلك الموقف على أن من امتطاها قد امتثل أمر الشارع الندبي بالتضحية وأنه من الفائزين بالجزاء الموعود على ذلك وفيه أن الأفضل في الأضحية كونها جيدة السير ولم أر من قال به من أصحابنا (فر) من طريق ابن المبارك عن يحيى بن عبد الله عن أبيه (عن أبي هريرة) قال المصنف في الدرر ويحيى ضعيف وقال السخاوي يحيى ضعيف جدا ووقع في نهاية إمام الحرمين ثم الوسيط عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم قال ابن الصلاح وهو غير معروف ولا ثابت وقال ابن العربي ليس في فضل الأضحية حديث صحيح.
993 - (استقم) (قال الدقاق: كن طالب الاستقامة لا طالب الكرامة فإن نفسك تطلب منك الكرامة وربك يطلب منك الاستقامة قال السهروردي وهذا أصل كبير غفل عنه كثيرون) أي الزم فعل الطاعات وترك المنهيات، وقال القاضي المراد بالاستقامة اتباع الحق والقيام بالعدل وملازمة المنهج المستقيم وذلك خطب جسيم لا يتصدى لإحصائه إلا من استضاء قلبه بالأنوار القدسية وتخلص من كدورات البشرية والظلمات الأنسية الطبيعية وأيده الله بتأييد من عنده واسلم شيطانه بيده وقليل ما هم انتهى وقال الطيبي: الاستقامة التامة لا تكون إلا لمن فاز بالقدح المعلى ونال المقام الأسنى وهي رتبة الأنبياء (وليحسن) بفتح المثناة تحت (خلفك) بضمتين (للناس) بأن تلقاهم ببشر وطلاقة وجه وتتحمل أذاهم وتفعل بهم ما تحب أن يفعلوا معك وبين به أن الاستقامة نوعان استقامة مع الحق بفعل طاعته عقدا وفعلا وقولا، واستقامة مع الخلق بمخالقتهم بخلق حسن وبذلك تحصل الاستقامة الجامعة التي هي الدرجة القصوى التي بها كمال المعارف
(٦٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 629 630 631 632 633 634 635 636 637 638 639 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة