فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٤٥
حال البدن من المؤثرين المتضادين كما هو مبين في نظائره من كتب الطب ذكره القاضي وقضيته أنه لو كان في الشمس فقلصت عنه فصار بعضه فيها وبعضه في الظل كان الحكم كذلك ثم لما خفي هذا المعنى على التوربشتي قال الحق الأبلج التسليم للشارع فإنه يعلم مالا يعلمه غيره فإن قلت هذا ينافيه خبر البيهقي عن أبي هريرة رأيت رسول الله قاعدا في فناء الكعبة بعضه في الظل وبعضه في الشمس قلت محل النهي المداومة عليه واتخاذه عادة بحيث يؤثر في البدن تأثيرا يتولد منه المحذور ا لمذكور أما وقوع ذلك مرة على سبيل الاتفاق فغير ضار على أنه ليس فيه أنه رآه كذلك ولم يتحول وبهذا التقرير انكشف أنه لا اتجاه لما أبداه الذهبي كمتبوعه في معنى الحديث أنه من قبيل استعمال العدل في البدن كالمنهي عن المثنى في نعل واحدة (د) في الأدب (عن أبي هريرة) قال المنذري وتابعيه مجهول وكذا ذكره المناوي فرمز المؤلف لحسنه فيه ما فيه.
811 - (إذا كان للرجل على رجل حق) أي دين (فأخره إلى أجله كان له صدقة) أي حسنة واحدة (فإن أخره بعد أجله كان بكل يوم صدقة) يعني إذا كان لإنسان على آخر دين وهو معسر فأنظره به مرة كان له أجر صدقة واحدة وإن أخر مطالبته بعد نوع يسار توقيعا ليساره الكامل فله بكل يوم صدقة هذا هو الملائم للتواعد وأما ما يوهمه ظاهر الحديث من أن الإنسان إذا كان له على غيره دين مؤجل أصالة أثيب على الصبر عليه إلى حلول أجله فلعله غير مراد وحمل الأول على أن من عليه الحق رضي بمطالبته قبل محله فأخره هو لا اتجاه له قال القاضي والأجل يطلق للمدة ولمنتهاها ويقال لعمر الإنسان وللموت الذي ينتهي به (طب عن عمران بن حصين) الخزاعي كانت الملائكة تسلم عليه وفيه محمد بن عثمان بن أبي شيبة ضعفه الدارقطني وكذبه ابن أحمد ووثقه حرزة وفيه ابن عياش ونقل عن المصنف أنه رمز لضعفه.
812 - (إذا كان في آخر الزمان لابد للناس فيها) يعني في تلك المدة أو تلك الأزمان (من الدراهم والدنانير) أي لا محيد لهم عنها يقال لابد من كذا أي لا محيد عنه ولا يعرف استعماله إلا مقرونا بالنفي ووجه ذلك بقوله (يقيم الرجل بها) أي بالدراهم والدنانير (دينه ودنياه) أي يكون بالمال قوامها فمن أحب المال لحب الدين فقد صدق الله في إيمانه والمال في الأصل قوام العباد في أمر دينهم فالحج ونحوه من الفروض لا يقوم إلا به وعيش الحياة في الأبدان كذلك وبه يتقي الأذى ويدفع الشدائد قال الماوردي وكان يقال الدراهم مراهم لأنها تداوي كل جرح ويطيب بها كل صلح وأخرج الحليمي عن كعب أول من ضرب الدراهم والدنانير آدم وقال لا تصلح المعيشة إلا بهما وهما إحدى المسخرات التي قال الله تعالى * (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض) *
(٥٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة