فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٤٠
بدعتهم وضلالتهم من قبل ما قالوه في القدر من نفيه لا لإثباته وهؤلاء الضلال يزعمون أن القدرية هم الذين يثبتون القدر كما أن الجبرية هم الذين قالوا بالجبر، قالوا لأن الشئ إنما ينسب للمثبت لا للنافي، ومنع بأن قوله تعالى: * (إنا كل شئ خلقناه بقدر) * وخبر القدرية مجوس هذه الأمة نص في أنهم المراد، وبه ينسد باب التأويل في هذا الحديث، وقد أحسن من قال هذا الحديث غل بضم الغين وهو القيد وبالكسر: الغل في الصدر - في عنقهم. فإن المجوس قائلون بمبدأين مستقلين النور والظلمة أو يزدان وهرمن والمعتز لجعل الله والعبد سواء تنفي قدرته عن شأنه عما يقدر عليه عبده وعكسه. قال زيد بن أسلم: والله ما قالت القدرية كما قال الله ولا كما قالت الملائكة ولا كما قال النبيون ولا كما قال أهل الجنة ولا كما قال أهل النار ولا كما قال أخوهم إبليس، قال الله تعالى * (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) * وقالت الملائكة * (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا) * وقال شعيب النبي * (وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله) * وقال أهل الجنة (وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) * وقال أهل النار * (ربنا غلبت علينا شقوتنا) * وقال أخوهم إبليس * (بما أغويتني) * والحق أنه لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين، وخير الأمور أوساطها فتقديره تعالى لا يخرج العبد إلى حيز الاضطرار ولا يسلب عنه الاختيار (طس عن عمر) بن الخطاب، وفيه بقية ابن الوليد وفيه كلام، وحبيب بن عمر الأنصاري، قال الدارقطني متروك وضعفه الذهبي.
(8) (إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع الواهب فيها) أي إذا أقبضه إياها. ومفهومه له الرجوع فيما وهبه لأجنبي، وهو مذهب الحنفية ومذهب الشافعية أن للأصل لا لغيره الرجوع فيما وهبه لفرعه لا لغيره (قط ك هق عن سمرة) بن جندب بن هلال الفزاري.
804 - (إذا كان) هي هنا تامة وفيما مر فلا تحتاج إلى خبر، والمعنى إذا وجد (يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد) لامه للجنس أو للاستغراق. فالمراد جميع المساجد، وخصها لأن الغالب إقامة الجمعة في مسجد (ملائكة) بالتنكير للتكثير لمناسبة المصلين أي جمع كثير من الملائكة، وهم هنا غير الحفظة كما يفيده قوله الآتي طووا الصحف فوظيفة هؤلاء كتابة من يحضر الجمعة أولا فأولا واستماع الذكر (يكتبون الناس) أي أجور المجتمعين (على قدر منازلهم) أي مراتبهم في المجئ.
ولهذا قال (الأول) أي ثواب من يأتي في الوقت الأول (فالأول) أي يكتبون ثواب من يجئ بعده في الوقت الثاني سماه أولا لأنه سابق على من يجئ في الوقت الثالث فالأول هنا بمعنى الأسبق وقال في شرح المصابيح: الأول فالأول نصب على الحال وجاءت معرفة وهو قليل، وقال الزركشي: الأول فالأول نصب على الحال: أي مرتبين وجاز مجيئهما معرفة على الشذوذ، فإذا جلس الإمام أي صعد المنبر وجلس عليه للخطبة (طووا) أي الملائكة (الصحف) صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلى الجمعة
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة