فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٤٦
وجعل آخر الزمان بالاضطرار إليها لا لإخراج عدم الاحتياج في الصدر الأول بل لأن غلبة الخير واصطناع المعروف وإعانة الملهوف فيه أكثر حتى أن من تركها وتخلى للعبادة يجد من يمونه ويقوم بكفايته وأما في آخر الزمان فتقل الخيور وتكثر الشرور وتشح النفوس فيضطر إليها وقدم ذكر الدراهم لأنها أعم تداولا وإشارة إلى أنه إذا اندفعت الحاجة بها ينبغي الاقتصار عليها (فائدة) أخرج الخطيب عن علي أنه قيل له: لم سمي الدرهم درهما والدينار دينارا فقال أما الدرهم فسمي دارهم وأما الدينار فضربه المجوس فسميته دينارا (طب) من حديث حبيب بن عبيد (عن المقدام) بن معد يكرب قال حبيب رأيت المقدام في السوق وجارية له تبيع لبنا وهو جالس يقبض الدراهم فقيل له فيه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره هكذا ورد من عدة طرق قال الهيتمي ومدار طرقه كلها على أبي بكر بن أبي مريم وقد اختلط.
813 - (إذا كان اثنان يتناجيان) أي يتحادثان سرا (فلا تدخل) أنت وجوبا (بينهما) أي لا تشاركهما فيما أسرا به ولا تصغ إليهما زاد في رواية أحمد إلا بإذنهما وعلله في خبر أبي يعلى بأنه يؤذي المؤمن والله يكره أذى المؤمن (ابن عساكر) تاريخه عن ابن عمر وله شواهد.
814 - (إذا كان أحدكم فقيرا) أي لا مال له ولا كسب يقع موقعا من كفايته (فليبدأ بنفسه) أي يقدمها بالإنفاق عليها مما أتاه الله كما مر (فإن كان فضل) أي بسكون الضاد: أي شئ زائد بأن فضل بعد كفايته زيادة (فعلى عياله) أي الذين يعولهم وتلزمه نفقتهم (فإن كان فضل فعلى ذي قرابته) من أصوله وفروعه وذي رحمه يقدم الأقرب فالأقرب، والأحوج فالأحوج (فإن كان فضل فهاهنا وهاهنا) كناية عن الإنفاق في وجوه الخير المعبر عنه في رواية باليمين والشمال. قال النووي: إن الابتداء في النفقة على هذا الترتيب وأن الحقوق إذا تزاحمت قدم الآكد فالآكد وأن الأفضل في صدقة التطوع في تنويعها في جهات البر بالمصلحة (حم م د ن عن جابر) ابن عبد الله.
815 - (إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق) أي لا يسقط البصاق (قبل وجهه) أي جهته بل يساره أو تحت قدمه لا عن يمينه للنهي عنه كما مر (فإن الله قبل وجهه) أي فإن قبلة الله أو عظمته أو ثوابه أو رضاه مقابل وجهه (إذا صلى) فلا يقابل هذه الجهة بالبصاق سواء كان بمسجد أو خارجه لأنه يعد استخفافا بها وهذا من المجاز البليغ لاستحالة الجهة عليه سبحانه وخص الإمام من بين الجهات الست إشعارا بشرف المقصد قال في المطامح وهذا تنبيه على وجوب الأدب والتزام شرط الجلوس على
(٥٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة