838 - (إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له من العمل) الصالح (ما يكفرها) لقلته وكثرتها (ابتلاه الله بالحزن بالتحريك وفي رواية بالهم قال الحافظ العراقي والأول الصواب (ليكفرها عنه) به فالأحزان والأكدار في هذه الدار رحمة من العزيز الغفار ومن ثم قال الصوفية إنما يحصل الهم والغم من جهتين التقصير في الطاعة والحرص على الدنيا انتهى وأما حمل الحزن على الندم على المخالفة فغير صواب لأن ذلك ليس ابتلاءا (حم عن عائشة) قال المنذري رواته ثقات إلا الليث بن أبي سليم وقال العراقي فيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه وقال الهيتمي فيه ليث وهو مدلس وبقية رجاله ثقات وقد رمز المصنف لحسنه.
839 - (إذا كثرت ذنوبك) أي وأردت اتباعها بحسنات لها أثر بين وفعل فاعل في محوها والمراد الصغائر (فاسق الماء على الماء) أي اسق المستسقي ولو كنت بشط نحو نهر أو بحر بذكره ليس بقيد بل لنفي توهم أنه لو حازه بلا كلفة فلا أجر له في سقيه وأولى من ذلك أن يقال المراد موالاة السقي وتتابعه أي اسق الماء على أثر سقي الماء بلا فاصل بأن يكون متتابعا (تتناثر) بمثناتين فوقيتين فنون أي فإنك إن فعلت ذلك تتساقط (ذنوبك كما يتناثر الورق من الشجر في الريح العاصف) أي الشديد وفيه ترغيب عظيم في فضل سقي الماء وفخامة لشأنه والظاهر أنه لا يتعين لذلك مباشرته بنفسه بل يكفي كون الماء ملكا له وتسبب في تسبيله بنحو أجرة وربح سيما إن كانت المباشرة لا تليق به (خط عن أنس) وفيه هبة الله بن موسى الموصلي قال في الميزان لا يعرف وساق له هذا الخبر.
840 - (إذا كذب العبد كذبة) بفتح الكاف والنصب أي واحدة منهيا عنها (تباعد الملك) يحتمل أن أل جنسية ويحتمل أنها عهدية والمعهود الحافظ (عنه ميلا) وهو منتهى مد البصر أو هو أن ينظر إلى شخص بأرض مستوية فلا يدري أذكر أم أنثى ذاهب أم آت وفي اصطلاح أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراع وعند المحدثين أربعة آلاف والخلف لفظي لأن مراده الأولين ذراع العمل والثاني ذراع اليد ويظهر أن المراد بالميل هنا التكثير (من نتن ما جاء به) أي من أجل نتن ريح ما نطق به ذلك الكاذب من الكذب وفي رواية لابن عدي من نتن ريحه فإن قيل كيف يكون للقول رائحة قلنا تعلق الروائح بالأجسام وخلقها فيها عادة لا طبيعة فإذا شاء الباري خلقها مقرونة بالأعراض فتنسب إليها نسبتها إلى الأجسام قال الطيبي: وإذا تباعد الملك من نتن نحو بصل وثوم وتأذى به فتباعده من الكذب أولى وأخذ من الخبر أن الملائكة تدرك من الآدمي ريحا خبيثا عند تلفظه بالمعصية وهل هذه الريح حسية أم معنوية احتمالان