فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٤٢
805 - (إذا كان جنح الليل) بضم الجيم وكسرها أي أقبل ظلامه قال الطيبي جنح الليل طائفة منه وأراد به هنا الطائفة الأولى منه عند امتداد فحمة العشاء (فكفوا صبيانكم) ضموهم وامنعوهم من الخروج ندبا فيه وفيما يأتي وقال الظاهرية وجوبا (فإن الشيطان) يعني الجن وفي رواية للشيطان ولامه للجنس (تنتشر حينئذ) أي حين فحمة العشاء لأن حركتهم ليلا أمكن منها نهارا إذ الظلام أجمع لقوى الشيطان وعند ابتداء انتشارهم يتعلقون بما يمكنهم التعلق به فخيف على الأطفال من إيذائهم (فإذا ذهب ساعة من الليل) وفي رواية من العشاء (فحلوهم) بحاء مهملة مضمومة في صحيح البخاري وفي رواية له أيضا بخاء معجمة مفتوحة وحكي ضمها أي فلا تمنعوهم من الخروج والدخول (وأغلقوا) بفتح الهمزة (الأبواب) أي ردوها وفي رواية البخاري لها وأغلق بابك بالإفراد خطاب لمفرد والمراد به كل واحد فهو عام من حيث المعنى (واذكروا اسم الله) عليها (فإن الشيطان) أي الجنس (لا يفتح بابا مغلقا) أي وقد ذكر اسم الله عليه ولا يناقضه ما ورد أنه يخطر بين المرء وقلبه وأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم فإن هذه أطوار وأحوال ولله أن يشكلها في أي صورة شاء وليس لها التصرف بذاتها وقد يجعل الله هذه الأسباب قيودا لها وتصديق من لا ينطق عن الهوى فيما جاء به واجب (وأوكثوا قربكم) سدوا أفواهها بنحو خيط (واذكروا اسم الله) على ذلك فإنه السور العظيم والحجاب المنيع الدافع للشيطان والوباء والحشرات والهوام والأولى أن يقال ما ورد بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئ في الأرض ولا في السماء (وخمروا) غطوا (آنينكم) جمع قلة وجمع الكثرة أواني (واذكروا اسم الله) عليها فإن السور العريض والحجاب المنيع بين الشيطان والإنسان ولو شاء ربك لكان الغطاء كافيا أو ذكر اسم الله كافيا لكنه قرن بينهما ليعلم كيفية فعل الأسباب في دارها وليبين أنها إنما تفعل بذكر الله عليها لا بذاتها (ولو أن تعرضوا) بفتح أوله وضم الراء وكسرها والأول كما قاله العيني أصح والمذكور بعد لو فاعل فعل مقدر أي ولو ثبت أن تعرضوا أي تضعوا (عليه) الإناء (شيئا) أي على رأسه قال الطيبي: جواب لو محذوف أي لو خمرتموها عرضا بشئ كعود وذكرتم اسم الله عليه كان كافيا والمقصود أن يجعل نحو عود على عرضه فإن كان مستدير الفم فهو كله عرض وإن كان مربعا فقد يكون له عرض وطول فيجعله عليه عرضا لا طولا والمراد وإن لم يغطه فلا أقل من ذلك أو إن فقدتم ما يغطيه فافعلوا المقدور ولو أن تجعل عليه عودا بالعرض وقيل المعنى اجعلوا بين الشيطان وبين آنيتكم حاجزا ولو من علامة تدل على القصد إليه وإن لم يستول الستر عليه فإنها كافية مع ذكره عاصمة بفضاء الله وأمره وقد عمل بعضهم بالسنة فأصبح والأفعى ملتفة على العود (وأطفئوا مصابيحكم) اذهبوا نورها ولا يكون مصباحا إلا بالنور وبدونه فتيلة والمراد إذا لم تضطروا إليه لنحو برد أو مرض أو تربية طفل أو نحو ذلك والأمر في الكل للإرشاد وجاء في حديث تعليل الأمر بالطفي بأن الفويسقة تجر الفتيلة فتحرق البيت
(٥٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 537 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة