القصد تلبس جميع أجزاء الفعل بالتبرك، فلما تعذر تحقيقا، ولا حرج في الدين، جعل طريقه كون الشروع فيه ملتبسا بها، كما في النية حيث اعتبرت في ابتداء العبادات تحقيقا وفي كلها تقديرا. وحذف الألف من بسم الله، لكثرة الاستعمال، وطولت الباء، للدلالة عليه، وإشارة إلى أنها وإن كانت في الأصل حرفا منخفضا، لكن لما اتصلت باسم الله، ارتفعت وسمت، ويجعل مناط الحذف كثرة الاستعمال عرف وجه إثباتها عند اتصالها بلفظ آخر نحو: لذكر اسم الله حلاوة، أو مضاف إلى اسم آخر نحو: باسم ربك. والباء للجر فكسرت لتشابه حركتها عملها. ثم إن كون المتعلق به مقدما على الرحمن الرحيم هو ما درج عليه المحققون، لكن قال البلقيني: قضية البداءة بالاسم وإفادة الاختصاص التي علي ادعاها الزمخشري كون المقدر مؤخرا عن البسملة بكمالها لئلا يقع الفصل بين الموصوف والصفة بما لم يتعين تقديره في هذا الموضع، والاسم ما يجمع اشتقاقين من السمة أو السمو، وهو بالنظر إلى اللفظ وسم وبالنظر إلى الحظ من الذات سمو، قاله الحراني. والله اسم عربي لا سرياني معرب، وهو علم مختص بمبدع العالم لم يطلق على غيره فيما بين المسلمين وغيرهم ولا عنادا وغلوا في العتو مطلقا، وعلاقة الاشتقاق فيما بينه وبين غيره إنما تنافي علميته لو ثبت أصالة ذلك الغير ولم تثبت، واستظهار القاضي أنه وصف غلب عليه بحيث لم يستعمل في غيره فصار كالعلم لا علما لأن ذاته غير معقول لنا فلا يمكن الدلالة عليه بلفظ، ولأنه لو دل على مجرد ذاته المخصوص لما أفاد وهو الله في السماوات معنى صحيحا تصدى جمع من أرباب الحواشي لدفعه، أما الأول فلأن علم الواضع عند الوضع بكنه حقيقة الموضوع له وملاحظة لشخصه لا ضرورة للزومه بل يكفي ملاحظة انحصار ذلك الوجود في الخارج فيه، بدليل أن الأب يضع علما لولده قبل رؤيته ولو سلم فلا مانع من كون الواضع هو الله تعالى ثم عرفنا إياه، وأما الثاني فلأن الاسمية لا تقتضي الدلالة على مجرد الذات فإن أسماء الزمان والمكان والآلة مثلا أسماء باتفاق مع دلالتها على معنى زائد على الذات، ولو سلم فليكن تعلقه به باعتبار ملاحظة المعنى الوضعي الخارج عن الاسم، كذا حققه المولى حسن بعد ما رد على جميع ما لهم هنا من الأقاويل المتعسفة. والإله أصله أله فلما دخلت أل حذفت الهمزة تخفيفا وعوض عنها حرف التعريف، وإنما كانا عوضا عنها مع أن دخولهما قبل حذفها لأن دخولهما قبل الحذف لا بطريق اللزوم وبعده يكونان لازمين فيها، فباعتبار اللزوم يكونان عوضا وهو اسم جنس لكل معبود حق أو باطل، ثم غلب منكرا على المعبود بحق، ثم خص بذاته بعد التعريف، مشتق من أله كعبد وزنا ومعنى، أو من أله بمعنى فزع وسكن، أو من وله أي تحير ودهش أو طرب، أو من لاه احتجب أو ارتفع أو استتار، أو غير. والحاصل أن إلها بمعنى مألوه أي معبود أو مألوه فيه أي متحير فيه وقس الباقي. فمجموع الأقاويل هو المعبود للخواص والعوام، المفروغ إليه في الأمور العظام، المرتفع عن الأوهام، المحتجب عن الأفهام، الظاهر بصفاته العظام، الذي سكنت إلى عبادته الأجسام، وولعت به نفوس الأنام، وطربت إليه قلوب الكرام. ثم تفخم لامه إذا انفتح ما قبلها أو صم طريقة مطردة لغة أو مطلقا وحذف ألفه لحن يبطل الصلاة لانتفاء بعض لفظ الموضوع ولا ينعقد به اليمين مطلقا لابتنائه على وجود الاسم ولم يوجد، والبلة إنما هي الرطوبة، وما
(٦)