يشوب تحقير فدخل الوصف بما قطع بانتفائه كما مر. قال الدواني: ولا يناقضه توجيه الشريف لاشتراط التعظيمين بأنه إذا عرى عن مطابقة الاعتقاد لم يكن حمدا بل سخرية لأنه أراد بالاعتقاد لازمه وهو إنشاء التعظيم لا معناه الحقيقي فإن الحمد قد يكون إنشائيا ولا معنى لمطابقة الاعتقاد فيه لأن ما لا يتعلق به الاعتقاد لا يوصف حقيقة بمطابقة الاعتقاد إذ المتبادر من مطابقة الاعتقاد الاتحاد في الإيجاب والسلب أو ما يستلزمه أو يؤول إليه وهذا لا يوجد إلا في القضايا ولذلك لا تسمع من أحد من أهل الاصطلاح أن التصوير يطابق الاعتقاد بل لو قال أحد إن تصور مفهوم نحو اضرب يطابق الاعتقاد نسبه أهل العرف الخاص لما يكره وحمل المطابقة على هذا المعنى أقرب من التزام اتصاف التصورات بالمطابقة وإلا مطابقة إذ ليس في هذا المعنى إلا ذكر الملزوم وإرادة اللازم مع أن أهل العرف العام قد يطلقون الاعتقاد بهذا المعنى يقال فلان له اعتقاد في فلان ويراد مثل ذلك ولا بعد فيه لأنهم يعدون الوصف بالجميل المعلوم الانتفاء إذا كان كذلك مدحا وحمدا كالقصائد المشتملة على وصف الممدوح بما هو محقق الانتفاء إلى هنا كلام الدواني. قال: وأما الجواب بأن الواصف يعتقد اتصاف الممدوح بما ذكر وأنهم أرادوا معاني مجازية واعتقدوا اتصاف المنعوت بها فيرده أن الأول خلاف البديهة والثاني خلاف الواقع اه. واعترضه صدر الأفاضل بأن الأول لو كان خلاف البديهة لم يقصد العقلاء إفادته ولم يكن اللفظ مستعملا في معناه الحقيقي والثاني لو كان خلاف الواقع لما كان الكلام مستعملا في معناه المجازي فيلزم أن لا يكون الكلام المذكور حقيقة ولا مجازا انتهى. وأجابه الدواني بما نصه: هذا السيد الفاضل لم يتذكر أنه لا يلزم من عدم اعتقاد مدلول الكلام أن لا يكون الكلام مستعملا فيه فإن الأخبار التي مضمونها خلاف اعتقاد المتكلم كقول السني المخفي عن حاله عن المعتزلي: العبد خالق لأفعال نفسه الاختيارية مستعملا في معناه الحقيقي مع أنه لا يعتقده بل جميع الأكاذيب التي يتعمدها أهلها كذلك.
ثم إنه حمل قوله والأول خلاف البديهة على أن مضمون تلك الأخبار خلاف البديهة وفرع عليه أنه يلزم أن لا يقصد العقلاء إفادته ويرد عليه منع الملازمة فإن الأكاذيب التي يعتمدها المتكلم العاقل قد تخالف البديهة مع قصد المتكلم إفادتها لغرض من الأغراض كتغليط المخاطب أو تبكيته أو امتحانه أو للتخييل فلا يلزم أن لا يكون ذلك الكلام حقيقة ولا مجازا كما توهمه والأخبار قد يقصد بها إفادة التصديق بمضمونها إما جزما أو ظنا وقد يقصد بها إفادة التخييل كما في القضايا الشعرية انتهى. الرابع:
المحمود وقد سبق اشتراط كونه فاعلا مختارا أو في حكمه، ثم إن المحققين التفتازاني والجرجاني والمفسرين الأفضلين الزمخشري والقاضي صرحوا في عدة مواضع بأن الحد مختص به تعالى منحصر فيه وعليه إشكال قضوا له بالصعوبة لأن أفعال العباد كما ترجع إلى الله من جهة الخلق والاقتدار وتهيئة الأسباب والتوفيق ترجع إلى العبد من جهة المباشرة بعد الإرادة وهذه الجهة وإن رجعت إلى الله لأنه المحصل للأسباب الدافع للمواقع ترجع للعبد قطعا لخلق الجميل فيه وتمكنه من مباشرته فيحمد باعتبارها فرجوعه إلى الله لا يقتضي الحصر، والناس فيه فريقان فريق تجرأوا على أولئك المحققين وحكموا على كلامهم بالتوهين ومنهم المولى ابن الكمال فرماهم بالوهم في هذا المجال حيث قال لا اختصاص بالحمد بالله كما يفصح عنه قول عائشة رضي الله تعالى عنها نحمد الله لا نحمدك وقول علي