بهن أبيك أو بذكره، وصرحوا بلفظ الذكر (1) (ولا تكنوا) عنه بالهن تنكيرا وزجرا، وقيل معناه من انتسب وانتمى إلى الجاهلية بإحياء سنة أهلها واتباع سبيلهم في الشتم واللعن والتعبير ومواجهتكم بالمنكر فاذكروا له قبائح آبائه من عبادة الأصنام وشرب الخمر وغيرهما صريحا لا كناية ليرتدع به عن التعرض للأعراض. وقال ابن جرير: معنى الاعتراض هنا إنما هو دعوى القائل يا آل فلان: أي تعريضا بنجدتهم وتذكيرا بشجاعتهم. قال: وهذا مخصوص بغير الحرب، فلا بأس بذكر القبائل فيه، لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أمر في وقعة هوازن العباس أن ينادي بأعلى صوته: أين أصحاب الشجرة يا بني الحارث؟ أين الخزرج يا كذا يا كذا؟ فهو منهي عنه إلا في هذا الموضع. وخص الأب لأن هتك عورته أقبح. (حم ت عن أبي) بن كعب، ورواه عنه أيضا الطبراني: قال الهيتمي رجاله ثقات.
634 - (إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد) أي الجلوس في المساجد التي هي جنات الدنيا لكونها أسبابا موصلة إلى الجنان التي هي مقر أهل الإيمان، أو معناه وجدتم قلبه معلقا بها منذ يخرج منها إلى عوده إليها، أو شديد الحب لها والملازمة لجماعتها وتعهدها بالصلاة فيها كلما حضرت أو يعمرها ويجدد ما درس منها ويسعى في مصالحها والأوجه حمله على الكل فمن لزمها لنحو اعتكاف أو اجتهاد أو تعلق قلبه بها أو عمرها بنحو ذكر وصلاة أو عمر ما تهدم منها وسعى في إقامة شعارها (فاشهدوا له بالإيمان) أي اقطعوا له بأنه مؤمن حقا في ظاهر الحال، فإن الشهادة قول صدر عن مواطأة القلب اللسان على سبيل القطع ذكره الطيبي قال ابن أبي جمرة: وفيه أن التزكية بالقطع ممنوعة إلا بنص لأنه حكم على الغيب وهو على البشر مستحيل قال: ولا ينافيه النهي عن مدح الرجل في وجهه لأن هذه شهادة وقعت على شئ وجد حسا والفعل الحسي يظهر دليل على الإيمان وعلة النهي عن المدح في الوجه ممنوعة خوف الاغترار والإعجاب في هذا معدومة لأنها شهادة بالأصل وهو الإيمان انتهى ولا يخفى تكلفه قال ابن المسيب: ومن جلس في المسجد فإنما يجالس ربه فما حقه أن يقول إلا خيرا (حم ت ه وابن خزيمة) في صحيحه (حب ك هق عن أبي سعيد) الخدري قال الترمذي حسن غريب وقال الحاكم ترجمة صحيحة مصرية وتعقبه الذهبي بأن فيه دراج وهو كثير المناكير وقال مغلطاي في شرح ابن ماجة حديث ضعيف وقضية صنيع المؤلف أن هذا الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند الترمذي والحاكم وغيره فإن الله يقول: * (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) * (التوبة:
18).
635 - (إذا رأيتم الرجل) في رواية أبي نعيم بدله العبد (قد أعطي) بالبناء للمفعول أي أعطاه الله وفي رواية أبي نعيم بدله يعطى (زهدا في الدنيا) أي استصغارا لها واحتقارا لشأنها وأهلها (وقلة منطق) كمحمل أي عدم كلام في غير طاعة إلا بقدر الحاجة. قال في الكشاف: والمنطق كلما يصوت به من مفرد ومؤلف مفيد أو غيره (فاقتربوا منه فإنه يلقى) بقاف مشددة مفتوحة (الحكمة) أي يعلم دقائق