فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٩
الكاملين في الفلاح الفائزين بكل خير المدركين لما طلبوا الناجين عما رهبوا. الفلاح درك البغية أو الفوز والنجاة (وحزب رسوله) أي اتباع الله واتباع رسوله المقربين لديه، وكان ينبغي تأخير المفلحين عنه لكنه قدموا رعاية للفاضلة والتسجيع. وحزب الله هم المفلحون الغالبون " ألا إن حزب الله هم المفلحون " فإن حزب الله هم الغالبون. قال القاضي: وأصل الحزب القوم يجتمعون لأمر حزبهم. وقال الراغب: جماعة فيها غلط.
إلى هنا تمام الكلام على شرح الخطبة وقد ختمها المؤلف كأكابر المحدثين بحديث النية وصيره جزءا منها ولأمر ما بديع تطابقوا على هذا الصنيع وهو أن الخلفاء الأربعة خطبوا به. فلما صلح للخطبة على المنابر صلح أن يجعل في خطب الدفاتر فكأنه قال: قصدت بجمع هذا الجامع جمع حديث المصطفى القائل: " إنما الأعمال بالنيات " فإن كنت قصدت وجه الله فسيجزيني عليه وينفع به، أو عرضا دنيويا فسيكافئني بنيتي، ولما صح فيه النية وأخلص الطوية نشره الله في الإسلام ونفع به الخاص والعام. قال النووي في بستانه وغيره: استحب العلماء أن تفتتح المصنفات بهذا الحديث، وممن ابتدأ به البخاري في صحيحه، ثم روى أعني النووي بإسناد عن ابن مهدي: من أراد أن يصنف كتابا فليبدأ به، ورواه عنه أيضا العراقي في أماليه. قال ابن الكمال: ولما كان عالم الملك تحت قهر عالم الملكوت وتسخيره لزم أن يكون لنيات النفوس وهيئتها تأثير فيما تباشره أبدانها من الأعمال، فكل عمل بنية صادقة رحمنية عن هيئة نورانية صحبته بركة ويمن وجمعية وصفاء، وكل عمل بنية فاسدة شيطانية عن هيئة غاسقة ظلمانية صحبة محق وشؤم وتفرقة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة