الأربعة وهذا لا يقدح في جلالتهم بل ولا في اجتهاد المجتهدين إذ ليس من شرط المجتهد الإحاطة بحال كل حديث في الدنيا. قال الحافظ الزين العراقي في خطبة تخريجه الكبير للإحياء: عادة المتقدمين السكوت عما أوردوا من الأحاديث في تصانيفهم وعدم بيان من خرجه وبيان الصحيح من الضعيف إلا نادرا وإن كانوا من أئمة الحديث حتى جاء النووي فبين. وقصد الأولين أن لا يغفل الناس النظر في كل علم في مظنته ولهذا مشى الرافعي على طريقة الفقهاء مع كونه أعلم بالحديث من النووي. إلى هنا كلامه (فتركت القشر) بكسر القاف (وأخذت اللباب) أي تجنبت الأخبار التي حكم عليها النقاد بالوضع أو ما قاربه بما اشتدت نكارته وقويت الريبة فيه المكنى عنه بالقشر وأتيت بالصحيح والحسن لذاته أو لغيره وما لم يشتد ضعفه المكنى عنه باللباب. والترك: أن لا يتعرض للأمر حسا أو معنى والقشر واحد القشور والقشرة أخص منه ومنه قشر العود وغيره نزعه عنه قشره والأخذ حوز الشئ وتحصيله. قال الزمخشري: ومن المجاز جاء بالجواب المقشر. واللباب بالضم الخالص ولب كل شئ خالصه وأخذ لبابه خالصه ورأيته بلب اللوز بكسره ويستخرج لبه (وصنته) أي هذا الجامع يعني حفظته يقال صان الرجل عرضه من الدنس فهو صين والتصاون خلاف الابتذال وفلان يصون عرضه صون الربط وحب مصون وصنت الثوب من الدنس والثوب في صوانة والترس في صوانها ومصوانها ومصانيها وهذا ثوب صينة لا ثوب بذلة وهو يتصون من العجائب ومن المجاز فرس ذو صون وابتذال وهو يصون خبزه إذا ادخر منه ذخيرة. ذكره الزمخشري (عما) أي عن إيراد حديث (تفرد به) أي بروايته راو (وضاع) للحديث على النبي صلى الله عليه وسلم (أو كذاب) وإن لم يثبت عنه خصوص الوضع أي اتهمه جهابذة الأثر بوضع الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم أو الكذب وصيغة المبالغة هنا غير مرادة إذ غرضه صونه حتى عمن لم يعهد عليه سوى وضع حديث واحد أو كذب ولو في لفظة واحدة أما إذا لم ينفرد بأن شاركه في روايته غيره فلا يتحاشى المؤلف عن إيراده لاعتضاده. ثم إن ما ذكره من صونه عن ذلك غالبي أو ادعائي وإلا فكثيرا ما وقع له أنه لم يصرف إلى النقد الاهتمام فسقط فما التزم الصون عنه في هذا المقام كما ستراه موضحا في مواضعه لكن العصمة لغير الأنبياء متعذرة والغفلة على البشر شاملة منتشرة وقد أعطى الحفظ حقه وأدى من تأدية الفرض مستحقه فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. والكتاب مع ذلك من أشرف الكتب مرتبة وأسماها منقبة والذنب الواحد أو المتعدد مع القلة لا يهجر لأجله الحبيب والروض النضير لا يترك بمحل قبر. قال الراغب وغيره: ليس يجب أن نحكم بفساد كتاب لخطأ ما وقع فيه من صاحبه كصنع العامي إذا وجدوا من أخطأ في مسألة حكموا على صنعته بالفساد ودأبهم أن يعتبروا الصناعة بالصانع خلاف ما قال علي كرم الله وجهه:
الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهله " وليس يدرون أن الصناعة على شئ روحاني والمتعاطي لها يباشرها بمجسم وطبع لا يفارقهما العجز فهو خليق بوقوع الخطأ منه اه. قال المؤلف كغيره: والموضوع ليس في الحقيقة بحديث اصطلاحا بل بزعم واضعه، وسبب الوضع نسيان الراوي لما رواه فيذكر غيره ظانا أنه المروي أو غلطة بأن سبق لسانه إلى غير ما رواه أو يضع مكانه مما يظن أنه يؤدي معناه أو افتراء كوضع الزنادقة أحاديث تخالف المعقول تنفيرا للعقلاء عن شريعته المطهرة أو