فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٧٦
تزوير يزور في نفسه بل يحدث بما يدركه بإحدى قواه الحسية أو كلها ما كان يقول ما لم يكن ولا ينطق في اليقظة عن شئ تصوره في الخيال ما لم ير لتلك الصورة عين في الحس. (ق ه) في الرؤيا (عن أبي هريرة).
467 - (إذا أقرض أحدكم أخاه) في الدين (قرضا) قال الطيبي: اسم مصدر والمصدر حقيقة هو الإقراض قال ويجوز كونه هنا بمعنى المقروض فيكون مفعولا ثانيا لا قرض والأول مقدر (فأهدى) أي الأخ المقترض (إليه) أي إلى المقرض (طبقا) محركا ما يؤكل عليه أو فيه ويحتمل الحقيقة ويحتمل إرادة المظروف أي شيئا في طبق (فلا يقبله) قال الطيبي: الضمير الفاعل في فأهدى عائد إلى المفعول المقدر والضمير في لا يقبله راجع إلى مصدر أهدى وقوله فأهدى عطف على الشرط (أو حمله) أي أراد حمله أو حمل متاعه (على دابته فلا يركبها) يعني لا ينتفع بها بركوب أو إركاب أو تحميل عليها (إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك) أي القرض، وهذا محمول على الورع لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم اقترض بكرا ورد رباعيا وقال خيركم أحسنكم قضاء فيجوز بل يندب رد الزائد وللمقرض قبوله حيث لا شرط والورع تركه - (ص ه هق عن أنس) بن مالك رمز لحسنه.
468 - (إذا اقشعر) بهمزة وصل وتشديد الراء (جلد العبد) أي أخذته قشعريرة أي رعدة (من خشية الله) أي خوفه. قال في الكشاف: اقشعر الجلد إذا انقبض قبضا شديدا وتركيبه من حروف القشع وهو الأديم اليابس مضموما إليه حرف رابع وهو الراء ليكون رباعيا دالا على معنى زائد يقال اقشعر جلده من الخوف وقف شعره وهو مثل في شدة الخوف قال الراغب: والجلد قشر البدن (تحاتت) تساقطت وزالت (عنه خطاياه) أي ذنوبه (كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها) تشبيه تمثيلي لانتزاع أمور متوهمة في المشبه من المشبه به فوجه التشبيه الإزالة الكلية على سبيل السرعة لا الكمال والنقصان لأن إزالة الذنوب على الإنسان سبب كماله وإزالة الورق على الشجر سبب نقصانه قال الترمذي الحكيم والمراد بالعبد هنا عبد ممنون عليه بالتوحيد ونفسه شرهة أشرة بطرة شهوانية قاهرة له فأدركه اللطف فهاج منه خوف التوحيد فطلبت نفسه الملجأ من الله إليه فأخذته الخشية فارتعد وصار لا يعقل ما يقول من الرهب فانكشف له الغطاء فسترت تلك الخشية مساويه كلها * (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن) ولم يعبر بالخوف لأن الخشية أعلى فإن الفرق إذا هجم على القلب نفر عن مستقره نفارا ربما قطع أفلاذ الكبد من شدة نفاره وانزعاجه عن محله والخوف دون ذلك وقال بعض العارفين هذا إشارة إلى أن الخشية والمرض ونحو ذلك إنما يحط أولا صغائر الذنوب التي هي من شجرة المخالفة بمنزلة الورق من شجر الدنيا وشجرة المخالفة شجرة خبيثة أصلها الكفر وورقها صغائر الذنوب ونبتها من الأجساد والفروع والأغصان منازل فقد يعظم
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة