فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٧٣
الجنة إلا في الاسم ويحتمل أن يراد بالجنة ما التف من الشجر أي أنه خارج من الأشجار الملتفة فلا مؤنة في بذله ولا منة في قبوله. (د في مراسيله ت) في الاستئذان من حديث حنان بحاء مهملة ونونين (عن أبي عثمان) عبد الرحمن بن مل بتثليث الميم وشد اللام ابن عمرو بن عدي (النهدي) بفتح النون وسكون الهاء وبالمهملة الكوفي نزيل البصرة مخضرم عابد من كبار التابعين (مرسلا) وقال غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ولا نعرف حنان إلا في هذا الحديث وأبو عثمان أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه فمن ثم عد حديثه في المراسيل.
462 - (إذا أعطيت) بضم الهمزة بضبط المؤلف (شيئا) من جنس المال (من غير أن تسأل) فيه (فكل) منه أي اقبله وانتفع به في مؤنتك ومؤنة أهلك وغير ذلك وإن كان من السلطان إن لم يغلب الحرام فيما في يده، والحاصل أنه إن علم حرمة المال حرم قبوله أو حله جاز وكذا إن شك لكن الورع تركه وعبر بالأكل لأنه أغلب وجوه الانتفاع (وتصدق) منه، بين به أن شرط قبول المبذول كونه حلالا لأن الصدقة لا تكون صدقة متقبلة إلا منه فشرط قبول المبذول علم حله كما تقرر أي باعتبار الظاهر، والحاصل أنه عند الجهل لا يلزم البحث عن الأصول فقد وقع للشاذلي وهو إمام في الروع أنه جاع وصحبه أياما فبعث لهم بعض عدول الإسكندرية بطعام فمنع الشيخ جماعته منه فطووا فلما أصبح قال كلوه قيل لي الليلة أحل الحلال ما لم يخطر لك ببال ولا سألت فيه أحدا من نساء أو رجال وقال ياقوت عزم علي إنسان وقدم لي طعاما فرأيت عليه ظلمة كالمكبة فقلت هذا حرام ولم آكل فدخلت على المرسي فقال من جهلة المريدين من يقدم له طعام فيرى عليه ظلمة فيقول هذا حرام يا مسكين ما يساوي ورعك بسوء ظنك بأخيك المسلم هلا قلت هذا طعام لم يردني الله به. (م ن عن عمر) بن الخطاب قال استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمالة فأديتها فأمر لي بعمالتي فقلت إنما عملت لله فذكره وفيه جواز أخذ العوض على أعمال المسلمين سواء كانت لدين أو دنيا كقضاء وحسبة لكن بشروط.
463 - (إذا أعطيتم الزكاة) المالية أو البدنية فلا (تنسوا ثوابها) أي لا تتركوا السبب في حصوله وذلك (أن تقولوا) أي تدعوا بنحو (اللهم اجعلها مغنما) أي قولكم ذلك من أسباب قبولها وحصول ثوابها فلا تتركوه، والمراد يسر لي الفوز بثوابها، وأصل المغنم والغنائم ما أصيب من مال الحرب والنسيان مشترك بين ترك الشئ على ذهول وغفلة وتركه على تعمد وهو المراد هنا ومنه * (ولا تنسوا الفضل بينكم) * أي تقصدوا الترك والإهمال (ولا تجعلها مغرما) مصدر ميمي من الغرامة أي لا تجعلني أرى إخراجها غرامة أغرمها ويسن أن يقول مع ذلك * (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) * وهذا التقرير كله بناء على أن أعطيتم مبني للفاعل كما جرى عليه بعضهم وزعم أنه الرواية ويجوز بناؤه للمفعول أي إذا أعطيتم يعني أيها المستحقون الزكاة فلا تتركوا مكافأة المزكي على
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة