النظر في دواخل أحوالهم ليتمكنوا من فعل ما شاؤوا من ضروب الفساد ويستمر ذلك مستورا عليه واستكشافه لأحوالهم لا ينافي الستر المطلوب فإنه إن رأى ريبة كتمها وفارق أهله أو أدب سرا وحسم طريق الفساد. (حم ق عن جابر) ورواه عنه أيضا أبو داود والنسائي وغيرهما.
459 - (إذا اطمأن الرجل إلى الرجل) أي سكن قلبه بتأمينه له وذكر الرجل غالبي فالمرأة كذلك (ثم قتله بعد ما اطمأن إليه) بغير مقتض والمراد أنه أمنه ثم غدره (نصب) أي رفع (له) بالبناء للمفعول لتذهب النفس كل مذهب تهويلا للأمر وتفخيما للشأن (يوم القيامة) خصه وإن كان قد يعاقب في الدنيا لأن ما يسوء إذا ظهر في جمع كان أوجع للقلب وأعظم تنكيلا (لواء) بمد وكسر أي علم (غدر) يعرف به في ذلك الموقف الأعظم تشهيرا له بالغدر على رؤوس الأشهاد فلما كان إنما يقع مكتوما مستورا اشتهر صاحبه بكشف ستره لتتم فضيحته وتشيع عقوبته وذكر في رواية أخرى أن ذلك اللواء ينصب عند أسته مبالغة في غرابة شهرته وقبيح فعلته وعلى هذا فاللواء حقيقي وقيل هو استعارة قال بعضهم والمشهور أن هذا الغدر والقتل والحروب من نقض عهد وأمان (ك عن عمرو بن الحمق) بفتح المهملة وكسر الميم ثم قاف ابن كاهل ويقال كاهن الخزاعي هاجر للنبي صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية ثم سكن مصر ثم الكوفة وهو ممن ثار على عثمان وأحد الأربعة الذين دخلوا عليه الدار.
460 - (إذا أعطى الله أحدكم خيرا) أي مالا (فليبدأ) وجوبا (بنفسه) أي بالإنفاق منه على نفسه لأنه المنعم عليه به (وأهل بيته) يعني من يلزمه مؤنتهم فإن ضاق قدم نفسه كما مر والخير المال أو الكثير أو الطيب قال الراغب: سمي خيرا إشارة إلى أن المال الذي يحسن الإنفاق منه ما جمع من وجه محمود.
(حم) مطولا (م) في المغازي من حديث طويل (عن جابر بن سمرة) رضي الله عنه بفتح السين وضم الميم وقد تسكن له ولأبيه صحبة ولم يذكر البخاري هذه القضية التي اقتصر عليها المؤلف.
461 - (إذا أعطي أحدكم الريحان) هو كما في المفردات ما له رائحة طيبة وفي المصباح كل نبت مشموم طيب الريح لكنه إذا أطلق عند العامة يراد به نبات مخصوص والمراد به هنا التعميم (فلا يرده) بضم الدال على الأفصح الأبلغ لأن الخبر من الشارع آكد في النهي من النهي صريحا ندبا فإن قبوله محبوب (فإنه خرج من الجنة) أي كأنه خرج منها فهو على التشبيه فإن ريحان الجنة لا يتغير ولا ينقطع ريحه ويمكن إجراؤه على ظاهره ويدعى سلب خاصيته ويجئ في خبر أنه ليس في الدنيا شئ يشبه ما في