فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٨١
الأولى بسم الله ويزيد في الثانية الرحمن والثالثة الرحيم لم أر ما يدل له (فإن نسي) أو تعمد بالأولى (أن يذكر اسم الله في أوله فليقل) ولو بعد الفراغ من الأكل ليقئ الشيطان ما أكله على ما بحثه بعض مشايخنا لكنه مضعف وأخذ بظاهره جمع حنابلة فأوجبوه قالوا لصحة الخبر بلا معارض (بسم الله على) وفي رواية في (أوله وآخره) أي آكل أوله وآخره بسم الله فالجار والمجرور حال من فاعل الفعل المقدر ذكره الطيبي وفي رواية أوله وآخره بدون على وعليه قال أبو البقاء الجيد النصب فيها والتقدير عند أوله وعند آخره ويجوز جره بتقدير في أوله وآخره أي جميع أجزائه كما يشهد له المعنى الذي شرعت التسمية له وبه سقط زعم أن ذكرهما يخرج الوسط لا يقال كيف تصدق الاستعانة ببسم الله في الأول وقد خلا الأول عنها لأنا نقول الشرع جعله إنشاء استعانة في أوله وليس هذا إخبارا حتى يكذب وبه يصير المتكلم مستعينا في أوله ويترتب عليه ما يترتب على الاستعانة في أوله وألحق الشافعي بالناسي ما لو تعمد أو جهل أو أكره وليس لقائل أن يقول الناسي معذور فمكن من تدارك ما فاته بخلاف المتعمد لأن القصد إضرار الشيطان بمنعه من طعامنا ولو نظر للعذر لمنع الشيطان من مؤاكلة الناسي ولم يحتج إلى أن يجعل له طريقا فالملحظ ليس العذر فقط (د ت ك عن عائشة) رضي الله عنها قال الترمذي حسن صحيح وقال الحاكم صحيح وأقره الذهبي.
477 - (إذا أكل أحدكم) أي أراد أن يأكل ويحتمل جعله على ظاهره (طعاما) غير لبن (فليقل) ندبا (اللهم بارك لنا فيه) من البركة وهي زيادة الخير ودوامه (وأبدلنا) بفتح الهمزة (خيرا) اسم تفضيل وأصله أخير فلا يراد أنها ليست على وزن أفعل (منه) من طعام الجنة أو أعم فيشمل خير الدارين ويؤيده أن النكرة في سياق الدعاء تعم وإن كانت للإثبات (وإذا شرب) أي تناول (لبنا) ولو غير حليب وعبر بالشرب لأنه الغالب (فليقل) ندبا (اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه) ولا يقل خيرا منه لأنه ليس في الأطعمة خير منه (فإنه ليس بشئ يجزئ) بضم أوله أي يكفي يقال جزأت الإبل بالرطب عن الماء اكتفت (من الطعام والشراب إلا اللبن) يعني لا يكفي في دفع العطش والجوع معا شئ واحد إلا هو لأنه وإن كان بسيطا في الحس لكنه مركب من أصل الخلقة تركيبا طبيعيا من جواهر ثلاث جبنية وسمنية ومائية فالجبنية باردة رطبة مغذية للبدن والسمنية معتدلة في الحرارة والرطوبة ملائمة للبدن الإنساني الصحيح كثيرة المنافع والمائية حارة رطبة مطلقة للطبيعة مرطبة للبدن فلذلك لا يجزئ من الطعام غيره وهو أفضل من العسل على ما عليه السبكي وألف فيه لكن عكس بعضهم وجمع ابن رسلان بأن الأفضل من جهة التغذي والري اللبن والعسل أفضل من حيث جموم المنافع والحلاوة وقضية الحديث أيضا أن اللبن أفضل من اللحم ويعارضه الخبر الآتي أفضل طعام أهل الدنيا والآخرة اللحم (تنبيه) سيأتي في خبر اللبن فطرة قال القرطبي يعني بها فطرة دين الإسلام كما قال تعالى * (فطرة الله) * الآية ثم قال * (ذلك الدين القيم) * وقد جعل الله ذلك لجبريل
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة