فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٢٣
الرماد وغيره ودونها لا يكفي لذلك قال الإمام الطبري وتبعه الخطابي هذا إذا بقي بعده لكل واحد من الشركاء فيه ما ينتفع به بدون مضرة وإلا جعل على حسب الحال الدافع للضرر، أما الطريق المختص فلا تحديد فيه فلمالكه جعله كيف شاء وأما الطريق المسلوك فيبقى على حاله لأن يد المسلمين عليه وأما في الفيافي فيكون أكثر من سبعة لممر الجيوش ومسرح الأنعام والتقاء الصفوف. وقال النووي: حديث السبعة أذرع محمول على أمهات الطرق التي هي ممر العامة لأحمالهم وماشيتهم بأن يتشاحح من له أرض يتصل بها مع من له فيها حق فيجعل بينها سبعة أذرع بالذراع المتعارف أما ثنيات الطرق فبحسب الحاجة وحال المتنازعين فيوسع لأهل البدو ما لا يوسع لأهل الحضر وفي الفيافي يجعل أكثر من سبعة لأنها ممر الجيوش والقوافل ولو جعلت الطريق في كل محل سبعة أضر بأملاك كثير من الناس انتهى، والحاصل أن الطريق يختلف سعتها بحسب اختلاف أحوالها كما في المطامح قال ابن حجر: ويلحق بأهل البنيان من قعد في حافة الطريق للبيع فإن كلن الطريق أزيد من سبعة لم يمنع من القعود في الزائد وإن كان أقل منع (حم م د) في البيوع (ت) وقال حسن صحيح (ه عن أبي هريرة حم ه هق عن ابن عباس) ظاهر صنيع المؤلف أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه وأمر بخلافه بل رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وعزاه له جمع منهم الديلمي وغيره.
366 - (إذا أخذ) أي شرع (المؤذن في أذانه) أضاف إليه لأنه المنادى به والمراد الأذان المشروع والمؤذن الذي يصح أذانه ويحتسبه (وضع الرب) وفي رواية للطبراني وضع الرحمن (يده فوق رأسه) كناية عن كثرة ادرار الرحمة والإحسان والبركة والمدد الرباني عليه وإيصال البر والخير إليه فأطلق اليد وأراد النعمة التي خص بها المؤذن وفضله بسببها على كثير من الناس وعبر بالفوقية لأن له المثل الأعلى ويحتمل أن يأمر الله تبارك وتعالى ملكا يضع يده على رأسه حقيقة فأضيف الفعل إلى الله لأنه أمره بذلك كما يقال ضرب الأمير اللص وبنى الأمير المدينة أي أمر بضربه والأول أقعد (فلا يزال كذلك) أي ينعم عليه بما ذكر (حتى) أي إلى أن (يفرغ من أذانه) أي يتمه (وأنه) أي والشأن أو الحال (ليغفر له) بضم التحتية والراء (مد صوته) أي مقدار غايته بمعنى أنه لو كانت ذنوبه متجسمة تملأ ذلك الفضاء لعفرت كلها وأنكر بعض أهل اللغة مد بالتشديد وصوب أنه مدى كما في رواية الطبراني وليس بمنكر بل هما لغتان لكن مدى أشهر (فإذا فرغ) من أذانه (قال الرب) تعالى وآثره لأنه المناسب لتربية الأعمال (صدق عبدي) فيما قاله وأضافه إليه للتشريف (وشهدت) يا عبدي ففيه التفات (بشهادة الحق) وهي أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ونص على هذا مع دخوله في التصديق إشارة إلى أن المقصود من الأذان الإتيان بالتشهد (فأبشر) بما يسرك من الثواب وهذا في المحتسب ويحتمل العموم وفضل الله واسع وفيه بيان فضل الأذان وكثرة ثوابه وندب رفع الصوت به ما أمكن حيث لا يؤذي (تنبيه) قال ابن المنير تبعا للإمام الرازي اليدان والعينان صفات سمعية ضاق بيان وجه الاستعارة فيها ولم يمكن
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة