فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٢١
بإلهامه كما يفيده خبر إن الملائكة تتكلم على ألسنة بني آدم بما في العبد من الخير والشر فإن كان خيرا فليحمد الله ولا يعجب بل يكون خائفا من مكره الخفي وإن كان شرا فليبادر بالتوبة وليحذر سطوته وقهره (ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) وفيه عبد الله بن سلمة متروك (و) عن (مالك) بن أنس (عن كعب موقوفا) وكعب الأحبار هو أبو إسحاق الحميري أسلم في خلافة أبي بكر أو عمر وسكن الشام ومات في زمن عثمان.
363 - (إذا أحدث أحدكم) أي انتقض طهره بأي شئ كان، وأصل أحدث من الحدث وفي المحكم الحدث الإيذاء وفي المغرب أما قول الفقهاء أحدث إذا أتى منه ما ينقض الطهارة لا تعرفه العرب ولذلك قال الأعرابي لأبي هريرة رضي الله عنه ما الحدث قال فساء أو ضراط (في صلاته) وفي رواية في الصلاة (فليأخذ) ندبا (بأنفه) أي يتناول ويقبض عليه بيده موهما أنه رعف والأولى اليسرى (ثم لينصرف) فليتوضأ وليعد الصلاة كذا هو في رواية أبي داود وذلك لئلا يخجل ويسول له الشيطان بالمضي فيها استحياء عن الناس فيكفر لأن من صلى متعمدا بغير وضوء فقد كفر وليس هو من قبيل الكذب بل من المعاريض بالفعل وفيه إرشاد إلى إخفاء القبيح والتورية بما هو أحسن ولا يدخل في الرياء بل هو من التجمل واستعمال الحياء وطلب السلامة من الناس ومشروعية الحيل التي يتوصل بها إلى مصالح ومنافع دينية بل قد يجب إن خيف وقوع محذور لولاه كقول إبراهيم هي أختي ليسلم من الكافر: وما الشرائع كلها إلا مصالح وطرقا للتخلص من الوقوع في المفاسد، وهذا الحديث قد تمسك بظاهره من ذهب من الأئمة إلى أن خروج الدم بنحو فصد أو حجم أو رعاف من نواقض الوضوء ومذهب الإمام الشافعي خلافه (ه حب ك) في الطهارة (هق) في الصلاة (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله عنها قال الحاكم على شرطهما ومن أفتى بالحيل يحتج به انتهى ورواه أبو داود أيضا والله تعالى أعلم.
364 - (إذا أحسن الرجل) يعني الإنسان (الصلاة فأتم ركوعها وسجودها) بأن يأتي بها بأركانها وشروطها وهذا تفسير لقوله أحسن واقتصر عليهما مع أن المراد إتمام جميع أركانها لأن العرب كانت تأنف من الإنحناء كراهة لهيئة عمل قوم لوط فأرشدهم إلى أنه ليس من هذا القبيل (قالت الصلاة حفظك الله كما حفظتني) أي حفظا مثل حفظك لي بإتمام أركاني وكمال إحساني بالتأدية بخشوع القلب والجوارح وهذا من باب الجزاء من جنس العمل فكما حفظ حدود الله تعالى فيها قابلته بالدعاء بالحفظ وإسناد القول إلى الصلاة مجاز ولا مانع من كونه حقيقة لما مر أن للمعاني صورا عند الله لكن الأول أقرب (فترفع) إلى عليين كما في خبر أحمد في رفع صحف الأعمال وهو كناية عن القبول والرضا (وإذا
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة