عمر فحبسه عنده سنة يأتيه كل يوم وليلة فلا يأتيه عنه إلا ما يحب ثم دعاه فقال تدري لم حبستك عني قال قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا فذكره ثم قال خشيت أن تكون منهم فالحمد لله إنه عليه قدم فأعجبه منطقه فحسبه سنة يختبره ثم قال:
منافق عليم اللسان وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرنا منه وأرجو أن تكون مؤمنا انحدر إلى مصرك (عد عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه بإسناد ورواه أيضا الطبراني في الكبير بل والإمام أحمد قال السيد السمهودي رواته محتج بهم في الصحيح انتهى فعدل المصنف عن الحديث الصحيح إلى الرواية الضعيفة واقتصر عليها.
306 - (أخوف ما أخاف على أمتي) اتباع (الهوى) بالقصر وهو ميل النفس وانحرافها نحو المذموم شرعا على ما مر (وطول الأمل) بالتحريك رجاء ما تحبه النفس كما مر وذلك لأنه إذا أنس بالدنيا ولذتها ثقل عليه فراقها وأقلع عن التفكير في الموت الذي هو سبب مفارقتها فيمني نفسه أبدا بما يوافق مرادها وهو البقاء في الدنيا فلا يزال يتوهمه ويقدره في نفسه ويقدر توابع البقاء بما يحتاجه من مال وخدم ودار وغيرها فيعكف قلبه على هذا الفكر فيلهو عن الموت ولا يحذر فوته فإن خطر بباله سوف وقال الأيام بين يديك فإلى أن تكبر تتوب فإذا كبر قال حتى أشيخ فإذا شاخ قال حتى أفرغ من بناء داري وعمارة ضيعتي وقهر عدوي الذي يشمت بي فلا يزال كذلك لا يفرغ من شغل إلا علق بتمام آخر إلى أن تخطفه منيته في وقت لا يحتسبه فمن ثم خافه المصطفى صلى الله عليه وسلم عليهم قال الحراني:
أكبر الهم والاهتمام إنما هو من طول الأمل فلأجله يتكلف الأعمال والأشغال ويجمع ويدخر الأموال * (الذي جمع مالا وعدده، يحسب أن ماله أخلده كلا) * ونبه بقوله وطول الأمل، على أن المذموم الاسترسال فيه وعدم الاستعداد للآخرة، أما أصله فلا ذم فيه إذ لولاه لم يتهن أحد بعيش ولولاه لم يصنف العلماء (عد عن جابر) قال الحافظ العراقي سنده ضعيف ورواه عنه أيضا الحاكم باللفظ المزبور وزاد أما الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة ورواه أبو نعيم عن علي وزاد ألا وإن الدنيا ترجلت مدبرة ألا وإن الآخرة قد ترجلت مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل.
307 - (أخوك البكري) بكسر الموحدة أي الذي ولده أبواك أولا، وهذا على المبالغة في التحذير أي أخوك شقيقك خفه واحذر منه (ولا تأمنه) فضلا عن الأجنبي فالتحذير منه أبلغ فأخوك مبتدأ والبكري نعته والخبر يخاف منه مقدرا وفيه إثبات الحذر واستعمال سوء الظن فيمن لم يتحقق فيه حسن السيرة. قال الديلمي: وهذه كلمة جاهلية تمثل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال العسكري: هذا من الحكم