فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٩٨
وبالضم الجمع أي لبن وعسل (في إناء) واحد (لا آكله ولا أحرمه) صريح في حله خلافا لمن وهم لأنه من الطيبات المأذون في تناولها وإنما لم يأكله لأنه كان يكره التلذذ والتبسط بنعيم الدنيا ويحب التقلل منه تركا للتعمق في التنعم ورفضا لفضول الدنيا كما ورد في عدة أخبار، وبين مراده به في خبر عائشة رضي الله عنها وغيره، وأكله من برمة فيها سمن وعسل لبيان الجواز أو للإيناس أو جبر الخاطر من قدمه أو لكونه المتيسر في ذلك الوقت أو للتعديل كالجمع بين حار وبارد أو رطب ويابس أو غير ذلك من المقاصد التي لا تنافي الزهد (تنبيه) قال الغزالي: هذا الحديث نبه به على أنه ينبغي للإنسان أن لا ينهمك في الشهوات فيكفي إسرافا أن يأكل كلما يشتهيه ويفعل كلما يهواه فلا يعطي نفسه شهوتين دفعة فتقوى عليه وقد أدب عمر ولده عبد الله إذ دخل عليه فوجده يأكل لحما مأدوما بسمن فعلاه بالدرة وقال: لا أم لك كل يوما هذا ويوما هذا وإذا كان حد الاعتدال المطلوب خفيا في كل شخص فالحزم أن لا يترك في كل حال وأكل أدم في يوم هو الاعتدال وخلافه إسراف وإفراط ومخالفته إقتار وكان بين ذلك قواما. قال: وإذا اشتهى فاكهة فينبغي أن يترك الخبز ويأكلها بدلا عنه ليكون قوتا لئلا يجمع بين شهوة وعادة (طس ك) في الأطعمة (عن أنس) قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقعب فيه لبن وعسل فذكره قال الحاكم صحيح فرده الذهبي وقال بل منكر واه وقال الهيتمي بعد عزوه للطبراني فيه عبد الكبير بن شعيب لم أعرفه وبقية رجاله ثقات وقال ابن حجر في طريق الطبراني راو مجهول وقد أشار البخاري إلى تضعيفه في صحيحه فزعم صحته خطأ.
321 - (أدن) بفتح الهمزة وسكون الدال وكسر النون أي قرب (العظم من فيك) قاله لصفوان وقد رآه يأخذ اللحم من العظم بيده (فإنه) أي تقريب اللحم من الفم ونهشه (أهنأ) بفتح الهمزة الأولى ورفع الثانية أي أقل مشقة وتعبا (وأمرأ) بصيغة أهنأ أي أقل ثقلا على المعدة وأسرع هضما وأبعد عن الأذى وأحمد للعاقبة فالأمر إرشادي. (د عن صفوان بن أمية) بضم الهمزة وفتح الميم وشدة التحتية تصغير أمة وهو ابن خلف الجمحي من المؤلفة الأشراف شهد اليرموك أميرا قال: كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم فآخذ اللحم من العظم فذكره وقد رمز المؤلف لحسنه وليس كما قال فقد جزم الحافظ ابن حجر بأن سنده منقطع.
322 - (أدنى ما تقطع فيه يد السارق) أي أدون ما يجب فيه قطع يد السارق من حرز مثله بشرطه (ثمن) وفي رواية قيمة (المجن) بكسر الميم وفتح الجيم الترس سمي به لأنه يجن صاحبه أي يستره ويواريه، وميمه عند سيبويه أصلية وعند الجمهور زائدة وبقية الحديث عند مخرجه الطحاوي وكان يقوم يومئذ بدينار وفي رواية له أيضا بعشرة دراهم ويوافقه رواية أبي داود والنسائي عن ابن عباس قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم وفي رواية للنسائي لا قطع فيما دون عشرة دراهم وعورض بأحاديث منها خبر الشيخين عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة