فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٨٦
مناصحة الإخوان والخلان وهو غير واجب (قنية) بكسر القاف وتضم أي ملكا (تحت أيديكم يعني قدرتكم فاليد الحسية كناية عن اليد الحكيمة (فمن كان أخوه تحت يده) أي فمن كان مملوكه في قبضته وتحت حكمه وسلطانه وفي رواية للبخاري يديه بلفظ التثنية (فليطعمه) بضم المثناة التحتية فيه وفيما بعده أي وجوبا والأفضل كونه (من طعامه) الذي يأكله هو (وليلبسه) مما يليق (من لباسه) قال الرافعي لا مناقضة بينه وبين الخبر الآتي للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف لأن ما هنا في حق العرب الذين طعامهم وطعام عبيدهم وكسوتهم متقاربة وذلك في حق المترفهين في الطعام واللباس فليس عليهم لمماليكهم إلا المتعارف لهم بالبلد سواء كان من جنس نفقة السيد أو فوقه أو دونه انتهى وخرج بما ذكر نحو عفاف القن فلا يؤمر به سيده والواجب الكفاية (ولا يكلفه) من التكليف وهو تحميل الشخص شيئا معه كلفة وقيل هو الأمر بما يشق أي لا يكلفه من العمل (ما يغلبه) أي يعجز عنه لصعوبته فيحرم (فإن كلفه ما يغلبه أي ما لا يطيقه في بعض الأحيان (فليعنه) عليه بنفسه أو بغيره فيحرم على السيد أن يكلف قنه على الدوام ما لا يطيقه على الدوام وله تكليفه عملا شاقا في بعض الأحيان لكن عليه إعانته أي مساعدته ومثل القن نحو خادم وأجير ودابة ولم يصب في التعبير من قال كابن جماعة تدخل في الخول الرقيق والخادم الحر وكذا الدواب انتهى وما ذاك إلا لأن لفظ الخول في الحديث لا يشمل الدابة لوصفه بالأخوة فالشمول ممنوع وليس إلا القياس وفيه الأمر بالعطف على المملوك والشفقة عليه والتذكير بالنعمة والقيام بشكرها والمحافظة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك (حم ق د ت ه عن أبي ذر) قال ابن حجر وفيه قصة أي وذلك لأن المعرور بن سويد رأى أبا ذر عليه حلة وعلى غلامه مثلها فسأله عن ذلك فذكر أنه ساب رجلا فعيره بأمه فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إنك امرؤ فيك جاهلية أي خلق من أخلاقهم ثم ذكره.
305 - (أخوف) أي من أخوف (ما أخاف على أمتي) وفي رواية أحمد على هذه الأمة (كل منافق عليم اللسان) أي عالم للعلم منطلق اللسان به لكنه جاهل القلب فاسد العقيدة يغر الناس بشقشقة لسانه فيقع بسبب تباعه خلق كثير في الزلل وقد كان بعض العارفين لا يظهر لتلميذه إلا على أشرف أحواله خوفا أن يقتدي به فيها أو بسوء ظنه به فيها فلا ينتفع. قال الحراني: والخوف حذر النفس من أمور ظاهرة تضرها، قال صاحب الهداية:
فساد كبير عالم متهتك * وأكبر منه جاهل يتنسك هما فتنة للعالمين عظيمة * لمن بهما في دينه يتمسك وسبب تحديث عمر بذلك أن الأحنف سيد أهل البصرة كان فاضلا فصيحا مفوها فقدم على
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة