فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٣
وسبعين ومائتين قالوا: " ألين له الحديث كما ألين لداود الحديد، وقال بعض الأعلام: سننه أم الأحكام. ولما صنفه صار لأهل الحديث كالمصحف. قال: " كتبت خمسمائة ألف حديث انتخبت منها السنن أربعة آلاف وثمانمائة ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه وما فيه لين شديد بينته ". قال الذهبي: قد وفى فإنه بين الضعيف الظاهر وسكت عن المحتمل فما سكت عنه لا يكون حسنا عنده ولا بد كما زعمه ابن الصلاح وغيره بل قد يكون فيه ضعف وهذا قد سبقه إليه ابن منبه حيث قال كان يخرج عن كل من لم يجمع على تركه ويخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجده في الباب غيره لأنه عنده أقوى من رأي الرجال. قال ابن عبد الهادي هذا رد علي من يقول إن ما سكت عليه أبو داود يحتج به ومحكوم عليه بأنه حسن عنده، والذي يظهر أن ما سكت عنه وليس في الصحيحين ينقسم إلى صحيح محتج به وضعيف غير محتج به بمفرده ومتوسط بينهما، فما في سننه ستة أقسام أو ثمانية صحيح لذاته صيحي لغيره بلا وهن فيهما، ما به وهن شديد، ما به وهن غير شديد، وهذان قسمان: ماله جابر وما لا جابر له، وما قبلهما قسمان: ما بين وهنه وما لم يبينه، ورمز له المؤلف بالدال لأن كنيته أشهر من اسمه ونسبه، والدال أشهر حروف كنيته وأبعدها عن الاشتباه ببقية العلائم انتهى. (ت للترمذي) بكسر الفوقية والميم أو بضمهما وبفتح فكسر كلها مع إعجام الذال نسبة لبلدة قديمة بطرف جيحون وهو الإمام أبو الحسن محمد بن عيسى بن سورة من أوعية العلم وكبار الأعلام، ولد سنة تسع ومائتين ومات سنة تسع وسبعين ومائتين. وقول الخليلي: بعد الثمانين ردوه وصنيع المؤلف قاض بأن جامع الترمذي بين أبي داود والنسائي في الرتبة لكن قال الذهبي انحطت رتبة جامع الترمذي عن سنن أبي داود والنسائي لإخراجه حديث المصلوب والكلبي وأمثالهما. وقال في الميزان في ترجمة يحيى بن اليمان لا تغتر بتحسين الترمذي فعند المحاققة غالبا ضعاف ورمز له بالتاء لأن شهرته بنسبته لبلده أكثر منها باسمه وكنيته. (ن للنسائي) الأمام أحمد بن شعيب الخراساني الشافعي ولد سنة أربع أو خمس عشر ومائتين واجتهد ورحل إلى أن انفرد فقها وحديثا وحفظا وإتقانا. قال الزنجاني له شرط في الرجال أشد من الشيخين. وقال التاج السبكي عن أبيه والذهبي: النسائي أحفظ من مسلم. وقال أبو جعفر بن الزبير لأبي داود في استيعاب أحاديث الأحكام ما ليس لغيره وللترمذي في فنون الصناعة الحديثية ما لم يشاركه فيه غيره. وقد سلك النسائي أغمض تلك المسالك وأجلها وكان شهما منبسطا في المأكل كثير الجماع للنساء مع كثرة التعبد، دخل دمشق فذكر فضائل علي رضي الله عنه فقيل له فمعاوية فقال ما كفاه أن يذهب رأسا برأس حتى نذكر له فضائل فدفع في خصيتيه حتى أشرف على الموت فأخرج فمات بالرملة أو فلسطين سنة ثلاث وثلاثمائة وحمل للمقدس أو مكة فدفن بين الصفا والمروة، ورمز له بالنون لأن نسبته أشهر من اسمه وكنيته ولم يرمز له بالسين لئلا يتصحف بابن أبي شيبة. (ه لابن ماجة) الحافظ الكبير محمد بن يزيد الربعي مولاهم القزويني، وماجة لقب لأبيه، كان من أكابر الحفاظ مجمع على توثيقه. ولما عرض سننه على أبي زرعة قال: أطن أن هذا الكتاب إن وقع بأيدي الناس تعطلت الجوامع أو أكثرها، مات سنة ثلاث وسبعين ومائتين. قال المزني: كل ما انفرد به ابن ماجة عن الخمسة ضعيف واعترض ثم حمل تارة على الأحكام وطورا على الرجال، ورمز له بالهاء لأن اشتهاره بلقب أبيه
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة