فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٠
الدقائق دون الأصول ذكره كله الشريف الجرجاني قال وقد يقال كل علم مارسه رجل وصار حرفة له سمي صناعة له تعلق بعمل أم لا انتهى. قال في الكشاف: كل عامل لا يسمى صانعا ولا كل عمل صناعة حتى يتكرر من ويتدرب وينسب إليه وقال الأكمل الحق أن كل علم مارسه الإنسان سواء كان استدلاليا أو غيره حتى صار كالحرفة له يسمى صنعة ووصفها بالنفاسة إيذانا بخطر قدرها وعلو شأنها وههنا نكتة سرية وهو أنه مدح الجامع أولا بتهذيب تخريجه وصونه عن الأخبار الموضوعة. ثم وصفه ثانيا بتفرده بحسن الصنعة ونفاسة الأسلوب في بابه إشعارا بأنه قد أحاط به الشرف من كل جهة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، والقبل كل ما يتقدم الإنسان بالذات أو الزمان (ورتبته) أي الكتاب من الترتيب. قال الشريف: وهو جعل الأشياء بحيث يطلق عليها اسم الواحد ويكون لبعضها نسبة إلى بعض بالتقدم والتأخر في الرتبة العقلية فهو أخص من التأليف: إذ هو ضم الأشياء مؤتلفة سواء كانت مترتبة الوضع أم لا (على حروف المعجم) أي حروف الخط المعجم كمسجد الجامع، وهي الحروف المقطعة التي يختص أكثرها بالنقط، سميت [ص 23] معجمة لأنها أعجمية لا بيان لها أو لأنها أعجمت على الناظر في معناها ذكره ابن عربي. وقال غيره: المعجم إما اسم مفعول صفة لمحذوف:
أي حروف الخط الذي وقع عليه الإعجام وهو النقط، أو مصدر ميمي كالإعجام وعليهما فإطلاق حروف المعجم على الكل من قبيل التغليب وجوز التفتازاني أن يكون معنى الإعجام إزالة العجمة بالنقط، واعترضه الدماميني بأنه إنما يتم إذا كان جعل الهمزة للسلب مقيسا أو مسموعا في هذه الكلمة وقيل معناه حروف الإعجام أي إزالة العجمة وذلك أن ينقط أكثرها والحرف يذكر ويؤنث وأصله طرف الشئ الذي لا يوجد منفردا وطرف القول الذي لا يفهم وحده. وأحق ما يسمى حروفا إذا نظر إلى صورها ووقوعها أجزاء من الكلم ولم فهم لها دلالة فتضاف إلى مثلها جزءا من كلمة مفهومة فتسمى عند ذلك حروفا وعند النطق بها كهذا ألف لام ميم يقال فيها أسماء وإن كانت غير معلومة الدلالة كحروف ا ب ت ث فإنها كلها أسماء على ما فهمه الخليل وأنها إنما تسمى حروفا عندما تكون أجزاء كلمة محركة للابتداء أو مسكنة للوقف والانتهاء ذكره الحراني (فائدة) قال العارف ابن عربي الحروف أمة من الأمم مخاطبون مكلفون وفيهم رسل من جنسهم قال ولا يعرف ذلك إلا أهل الكشف (مراعيا) أي ملاحظا في الترتيب (أول الحديث فما بعده) أي محافظا على الابتداء بالحرف الأول والثاني من كل كلمة أولى من الحديث واتباعهما بالحرف الثالث منهما وهكذا فيما بعده على سياق الحروف كما لو اشترك حديثان في الحرف الأول واختلفا في الثاني من الكلمة نحو أبى وأتى فيوضع على هذا الترتيب فإن اشتركا في حرفين روعي الثالث وهكذا وإن اشتركا في الثالث روعي كذلك كقوله: " آخر قرية " و " آخر من يحشر " وهكذا إن اشتركا في كلمات كقوله: " من رآني في المنام فسيراني في اليقظة " وقوله: " من رآني في المنام فقد رآني " هذا هو قضية التزامه الدال عليه كلامه هنا.
فإن قلت هو لم يف بما التزمه بل خالفه من أول وهلة فقال: " آخر من يدخل " ثم قال: " آخر قرية "
(٣٠)
مفاتيح البحث: ابن عربي (2)، الترتيب (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة