فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٨٠
تحت الفهري قال كان بالمدينة امرأة يقال لها أم عطية تختن الجواري فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك والفهر قال الذهبي يقال له صحبة قتل يوم راهط انتهى وما ذكر من أن الضحاك هذا هو الفهري هو ما ذكره الحاكم وأبو نعيم حيث أورد الحديث في ترجمته ويخالفه ما رواه البيهقي وغيره عن الفضل العلائي قال سألت ابن معين عن هذا فقال الضحاك هذا ليس بالفهري قال ابن حجر: وهذا الحديث رواه أبو داود في السنن وأعله بمحمد بن حسان فقال مجهول ضعيف وتبعه ابن عدي في تجهيله وخالفهم عبد الغني فقال هو محمد بن سعيد المصلوب وحاله معروف وكيفما كان سنده ضعيف جدا وممن جزم بضعفه الحافظ العراقي وقال ابن حجر في موضع آخر له طريقان كلاهما ضعيف وقال ابن المنذر ليس في الختان خبر يعول عليه ولا سنة تتبع.
298 - (أخلص) بفتح فسكون فكسر (دينك) بكسر الدال إيمانك عما يفسده من شهوات النفس أو طاعتك بتجنب دواعي الرياء ونحوه بأن تعبده امتثالا لأمره وقياما بحق ربوبيته لا طمعا في جنته ولا خوفا من ناره ولا للسلامة من المصائب الدنيوية (يكفك) بالجزم جواب الأمر وفي نسخ يكفيك بياء بعد الفاء ولا أصل لها في خطه (القليل من العمل) لأن الروح إذا خلصت من شهوات النفس وأسرها ونطقت الجوارح وقامت بالعبادة من غير أن تنازعه النفس ولا القلب ولا الروح فكان ذلك صدقا فيقبل العمل وشتان بين قليل مقبول وكثير مردود، وفي التوراة: ما أريد به وجهي فقليله كثير وما أريد غير وجهي فكثيره قليل، قال بعض العارفين لا تتسع في إكثار الطاعة بل في إخلاصها وقال الغزالي: أقل طاعة سلمت من الرياء والعجب وقارنها الإخلاص بكون لها عند الله تعالى من القيمة ما لا نهاية له وأكثر طاعة إذا أصابتها هذه الآفة لا قيمة لها إلا أن يتداركها الله تعالى بلطفه كما قال علي كرم الله وجهه: لا يقل عمل البتة، وكيف يقل عمل مقبول؟ وسئل النخعي عن عمل كذا ما ثوابه فقال إذا قبل لا يحصى ثوابه ولهذا إنما وقع بصر أهل البصائر من العباد في شأن الإخلاص واهتموا به ولم يعتنوا بكثرة الأعمال وقالوا الشأن في الصفوة لا في الكثرة وجوهرة واحدة خير من ألف خرزة وأما من قل عمله وكل في هذا الباب نظره جهل المعاني وأغفل ما في القلوب من العيوب واشتغل بإتعاب النفس في الركوع والسجود والإمساك عن الطعام والشراب فغره العدد والكثرة ولم ينظر إلى ما فيها من المنح والصفوة وما يغني عدد الجوز ولا لب فيه وما ينفع رفع السقوف ولم تحكم مبانيها وما يعقل هذه الحقائق إلا العالمون إلى هنا كلام الغزالي، وقال ابن الكمال: الإخلاص لغة ترك الرياء في الطاعة واصطلاحا تخليص القلب عن شائبة الشوب المكدر لصفائه وكل شئ تصور أن يشوبه غيره فإذا صفا عن شوبه فخلص منه سمي خالصا. قال الإمام الرازي: والتحقيق فيه أن كل شئ يتصور أن يشوبه وخلص لله سمي خالصا وسمى الفعل المصفى خالصا إخلاصا ولا شك أن كل من أتى بفعل اختياري فلا بد فيه من غرض فمهما كان الغرض واحدا سمي الفعل إخلاصا فمن تصدق وغرضه محض الرياء فهو غير مخلص أو محض التقرب لله فهو مخلص لكن جرت العادة بتخصيص اسم الإخلاص بتجريد قصد التقرب من جميع الشوائب فالباعث على
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة