فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٢٩
القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن فقد يعود الحبيب بغيضا وعكسه فإذا أمكنته من نفسك حال الحب عاد بغيضا كالمعالم مضارك أجدر لما اطلع منك حال الحب بما أفضيت إليه من الأسرار وقال عمر رضي الله تعالى عنه لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا وعليه أنشد هدبة بن خشرم:
وأبغض إذا أبغضت بغضا مقاربا * فإنك لا تدري متى أنت راجع وكن معدنا للخير واصفح عن الأذى * فإنك راء ما عملت وسامع وأحبب إذا أحببت حبا مقاربا * فإنك لا تدري متى أنت نازع ولهذا قال الحسن البصري أحبوا هونا وأبغضوا هونا فقد أفرط قوم في حب قوم فهلكوا وأفرط قوم في بغض قوم فهلكوا (ت) في البر والصلة من حديث سويد بن عمرو الكلبي عن حماد عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة وقال ت غريب ضعيف والصحيح عن علي موقوفا انتهى ورواه ابن حبان في الضعفاء بسند الترمذي وأعله بسويد وقال: يضع المتون الواهية على الأسانيد الصحيحة (هب عن أبي هريرة) رفعه وظاهره أن البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل قال هو أي رفعه وهم انتهى وفيه أيضا سويد الكلبي المذكور وقد أورده الذهبي في الضعفاء وقال اتهمه ابن حبان وقال كان يضع المتون الواهية على الأسانيد الصحاح (طب) من حديث أبي الصلت عبد السلام الهروي عن جميل بن يزيد (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيتمي: وجميل ضعيف انتهى وأعله ابن حبان به وقال: بروي في فضائل علي وأهله العجائب لا يحتج به إذا انفرد وقال الزيلعي: عبد السلام الهروي ضعيف جدا (وعن ابن عمرو) بن العاص قال الهيتمي: وفيه محمد بن كثير الفهري وهو ضعيف (قط في) كتاب (الأفراد، عد عب عن علي) أمير المؤمنين مرفوعا وفيه عطاء بن السائب عن أبي البحتري وقد مر بيان حاله وقال الدارقطني في علله لا يصح رفعه وقال ابن حبان رفعه خطأ فاحش (خد هب عن علي موقوفا) قال الترمذي هذا هو الصحيح وتبعه جمع جم منهم ابن طاهر وغيره، وبعد إذ علمت هذه الروايات فاعلم أن أمثلها الأولى وقد استدرك الحافظ العراقي علي الترمذي دعواه غرابته وضعفه فقال قلت رجاله رجال مسلم لكن الراوي تردد في رفعه انتهى والمصنف رمز لحسنه.
224 - (أحبوا) بفتح الهمزة وكسر المهملة (الله) وجوبا (لما) أي لأجل ما (يغذوكم) بفتح المثناة تحت وسكون المعجمة وضم المعجمة (به) من الغذاء بالكسر ككساء ما به نماء الجسم وقوامه وهو أعم من الغذاء بالفتح إذ كل غذاء غذاء ولا عكس وفي رواية لما يرفدكم به (من نعمه) أي أحبوا الله لأجل إنعامه عليكم بصنوف النعم وضروب الآلاء الحسية كتيسير ما يتغذى به من الطعام والشراب والمعنوية كالتوفيق والهداية ونصب أعلام المعرفة وخلق الحواس وإفاضة أنوار اليقين على القلب وغير ذلك من الأغذية الروحانية المعلوم تفصيلها عند علماء الآخرة قال ابن عطاء الله: مامن وقت ولحظة
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة