فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٣٤
عليه وإثبات الثواب ودفع الشبه والمشكلات والاشتغال بالفقه وأصوله والتفسير والحديث بحفظه ومعرفة رجاله وجرحهم وتعديلهم واختلاف العلماء واتفاقهم وعلوم العربية والقيام به فرض كفاية فإذا لم ينتصب في كل قطر من تندفع الحاجة بهم أثموا كلهم وعلى الإمام أن يرتب في كل قرية ومحلة عالما متدينا يعلم الناس دينهم ويجيب في الحوادث ويذب عن الدين ويردع من نبغ من الفرق الضالة (فر وابن النجار) أبو عبد الله محمد بن محمود (في تاريخه) تاريخ بغداد (عن أنس) رضي الله تعالى عنه وفيه إبراهيم بن هانئ أورده الذهبي في الضعفاء وقال مجهول أتى بالبواطيل عن عمرو بن حكام تركه أحمد والنسائي عن بكر بن خنيس قال الدارقطني متروك عن زياد بن أبي حسان تركوه.
230 - (احتجموا) إرشادا لا إلزاما (لخمس عشرة أو لسبع عشرة أو لتسع عشرة أو إحدى وعشرين) من الشهر العربي. قال ابن القيم: هذا موافق لإجماع الأطباء أن الحجامة في نصف الشهر وما بعده من الربع الثالث من أرباع الشهر أنفع من أوله ومن آخره لغلبة الدم حينئذ الذي جعله علة للأمر بها وخص الأوتار لأنه تعالى وتر يحب الوتر، نعم محل اختيار هذه الأوقات إذا أريدت لحفظ الصحة فإن كانت لمرض فعلت وقت الحاجة كما يفيده ما يجئ انتهى، وقال ابن جرير هذا اختيار منه صلى الله عليه وسلم للوتر من أيام الشهر على الشفع لفضل الوتر عليه والله وتر يحب الوتر قال وإنما خص أمره بحالة انتقاص الهلال من تناهي تمامه لأن ثوران كل ثائر وتحرك كل علة إنما يكون فيما يقال من حين الاستهلال إلى الكمال فإذا تناهى نماؤه وتم تمامه سكن فأمر بالاحتجام في الوقت الذي الأغلب فيه السلامة إلا أن يتبيغ الدم وتدعو الضرورة لبعضهم في الوقت المكروه بحيث تكون غلبة السلامة في عدم التأخير فيفعل حينئذ كما يشير إليه قوله (لا تتبيغ) بتحتية ففوقية فموحدة فتحتية فغين معجمة أي لئلا يتبيغ فحذف حرف الجر مع أن، قال ابن الاعرابي تبوغ الدم وتبوع ثار فالمراد هنا لا يثور ويهيج (بكم الدم) يغلبكم ويقهركم (فيقتلكم) أي فيكون ثورانه وهيجانه سببا لموتكم وهذا من كمال شفقته على أمته ومحصول التقرير السابق أن الحجامة ضرورية واختيارية فالضرورية عند الحاجة والاختيارية عند ثوران الأخلاط وذلك في الربع الثالث من الشهر (تنبيه) قال أهل المعرفة الخطاب بالحجامة لأهل الحجاز ومن في معناهم من الأقطار الحارة لرقة دمائهم وميلها لظاهر البدن بجذب الحرارة لها إلى سطح البدن وقد أوضحه بعض الفضلاء فقال إنما لازم المصطفى صلى الله عليه وسلم الحجم وأمر به دون الفصد مع أن الفصد ركن عظيم في حفظ الصحة الموجودة ورد المفقودة لأن مزاج بلده يقتضيه من حيث إن البلاد الحارة تغير المزاج جدا كبلاد الزنج والحبشة فلذلك يسخن المزاج ويجف ويحرق ظاهر البدن ولهذا اسودت أبدانهم ومال شعرهم إلى الجعودة ودقت أسافل أبدانهم وترهلت وجوههم وخرج مزاج أدمغتهم عن الاعتدال فتظهر أفعال النفس الناطقة فيهم من نحو فرح وطرب وخمد وصفاء صوت والغالب عليهم البلادة لفساد أدمغتهم وفي مقابلها في المزاج بلاد الترك فإنها باردة رطبة
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة