فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٢٦
وأدون المنزلتين فكن أنت أيها الملك من أفضل الطوائف تكن أكرمهم عند الله والسلام (عبد الله) ابن الإمام أحمد بن حنبل (في زوائد) كتاب الزهد لأبيه (عن الحسن مرسلا) بإسناد ضعيف لكن شواهده كبيرة وهو البصري أبو سعيد مولى زيد بن ثابت أو جميل بن قطبة أو غيرهما وأبوه يسار من سبي ميسان أعتقه الربيع بن النضر ولد زمن عمر وشهد الدار وهو ابن أربع عشرة سنة إمام كبير الشأن رفيع القدر رأس في العلم والعمل مات سنة عشر ومائة.
218 - (أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا) بضمتين معنى حسن الخلق بذل المعروف وكف الأذى وطلاقة الوجه والتواضع وقد تضمن هذا الخبر عظيم الحث عليه حيث علق به حكم الأحبية إليه فحق لكل مسلم أن يرغب في ذلك كمال الرغبة وفيه رمز إلى أنه ممكن الاكتساب وإلا لاختص بما كان مطبوعا عليه فيفوت معنى الترغيب فيه ويصير حسرة على من لم يمكنه، نعم أصله جبلي كما سيجئ تحقيقه وعبر بصيغة أفعل وهو ما اشتق من فعل الموصوف بزيادة على غيره دفعا لتوهم حرمان من طبع على ذلك بل أشعر بأنهم كلهم محبوبون لكن من تكلفه بقهر النفس ومجاهدتها حتى صار أحسن خلقا أحب إليه من أولئك (طب عن أسامة) بضم الهمزة (ابن شريك) الذبياني صحابي روى عنه زياد بن علاقة وغيره قال أسامة كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطير ما يتكلم منا متكلم إذ جاءه أناس فقالوا من أحب عباد الله إلى الله فذكره قال المنذري رواته محتج بهم في الصحيح انتهى وبه يعرف أن رمز المؤلف لحسنه تقصير وإنما كان الأولى أن يرمز لصحته.
219 - أحب بيوتكم) أي أهل بيوتكم أيها المسلمون من مجاز وصف المحل بصفة ما يقع فيه (إلى الله بيت فيه يتيم) أي طفل مات أبوه فانفرد عنه (مكرم) بالبناء للمفعول أي بالإحسان إليه وعدم إهانته ونحو ذلك فأراد بمحبة البيوت محبة ما يقع فيها من إكرام الأيتام وفيه حث على إكرام الأيتام وتحذير من إهانتهم وإذلالهم من غير موجب قال ابن الكمال أخذا من الزمخشري واليتيم في عرف الشرع مختص بمن لم يبلغ واحتاج إلى كافل وبالبلوغ يزول ذلك انتهى وأقول سياق الخبر هنا يدل على أن المراد الصغير المحتاج لفقد من كان يقوم بكفالته وما يحتاجه من نحو نفقة وكسوة ذكرا كان أو أنثى حتى لو فرض أن الذي كان هو القائم به أمه دون أبيه لنحو غيبة وانقطاع خبره أو فقره أو حبسه ونحو ذلك فيدخل في ذلك وإن كان تصرف الفقهاء يأباه (هب) وكذا الطبراني والأصبهاني (عن عمر) بن الخطاب ثم قال أعني البيهقي تفرد به إبراهيم بن إسحاق الضبي عن مالك انتهى وإبراهيم أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال في الميزان له أوابد، وعد منها هذه، وقال العقيلي حديث لا أصل له انتهى وضعفه المنذري وقال الهيتمي فيه إسحاق بن إبراهيم الضبي وكان ممن يخطئ لكن يشهد له خبر ابن ماجة " خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيت في المسلمين فيه اليتيم يساء إليه.
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة