فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٣٣
ذكره الغزالي وقيل للحسن إن الحجاج ذكرك بسوء فقال علم بما في نفسي فنطق عن ضميري وكل امرئ بما كسب رهين (ك) في الرقائق (عن أبي هريرة) وقال صحيح وأقره الذهبي وتبعهما المصنف فرمز لصحته.
(احبسوا) بكسر الهمزة والموحدة التحتية. قال الراغب: الحبس المنع وفي الصحاح ضد التخلية (صبيانكم) جمع صبي قال في الصحاح وهو الغلام والجارية صبية والجمع صبايا انتهى والمراد هنا الصغير ذكرا كان أو أنثى كما يشير إليه التعليل الآتي أي امنعوهم من الخروج من البيوت وفي رواية اكفتوا صبيانكم أي ضموهم (حتى تذهب) أي إلى أن تنقضي (فوعة) بضم الفاء وسكون الواو (العشاء) أي شدة سوادها وظلمتها وفي رواية بدل فوعة فحمة وهي السواد الشديد والمراد هنا أول ساعة من الليل كما يدل له قوله (فإنها ساعة تخترق) بمعجمات وراء: تنتشر (فيها الشياطين ) أي مردة الجن فإن أول الليل محل تصرفهم وحركتهم في أول انتشارهم أشد اضطرابا. وقال ابن الجوزي: إنما خيف على الصبيان منهم تلك الساعة لأن النجاسة التي تلوذ بها الشياطين موجودة فيهم غالبا والذكر الذي يحترس به منهم مفقود من الصبيان غالبا والسواد أجمع للقسوة الشيطانية من غيره والجن تكره النور وتتشاءم به وإن كانت خلقت من نار وهي ضياء لكن الله تعالى أظلم قلوبها وخلق الآدمي من طين ونور قلبه فهو محب للنور بالطبع وكل جنس يميل إلى ما يروحه من جنسه فيضيع فإن قلت فإذا كان الاختراق بمعنى الانتشار فلم عبر به دونه قلت إشارة إلى أنه انتشار لابتغاء الفساد فإن الخرق في الأصل كما قال الراغب قطع الشئ على سبيل الفساد بغير تفكر وتدبر ثم استعمل في قطع المسافة توصلا إلى حيلة أو إفساده ومن ثم شبه به الريح في تعسف مرورها فقيل ريح خرقاء وفوعة الشئ بالضم حدته وشدته قال الزمخشري: وجدت فوعة الطيب وفوحته وفورته وخمرته وذلك حدة ريحه وشدتها إذا اختمر وأتيته فوعة النهار وفوعة الضحى وهو ارتفاعه وكان ذلك في فوعة الشباب (ك) في الأدب (عن جابر) بن عبد الله وقال على شرط مسلم وأقره الذهبي.
229 - احبسوا على المؤمنين ضالتهم) أي ضائعتهم يعني امنعوا من ضياع ما تقوم به سياستهم الدنيوية ويوصلهم إلى الفوز بالسعادة الأخروية أي بأن تحفظوا ذلك ولا تهملوه فيضيع قالوا يا رسول الله وما ضالة المؤمنين قال (العلم) أي الشرعي فإن الناس لا يزالون عند وقوع الحوادث يتطلبون علم حكمها كما يتطلب الرجل ضالته فهو أمر بتعلم العلم الشرعي الذي به قيام الدين وسياسة عامة المسلمين كالقيام بالحجج والبراهين القاطعة على إثبات الصانع وما يجب له وما يستحيل
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة