فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٢٥
216 - (أحب اللهو) أي اللعب وهو ترويح النفس بما لا تقتضيه (إلى الله تعالى إجراء الخيل) أي مسابقة الفرسان بالأفراس بقصد التأهب للجهاد. وقال الراغب: والخيل في الأصل اسم للأفراس والفرسان جميعا قال الله تعالى * (ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) (الأنفال:
60) * ويستعمل في كل منهما منفردا كخبر يا خيل الله اركبي فهذه للفرسان وخبر عفوت لكم عن صدقة الخيل يعني الأفراس وسميت خيلا لاختيالها أي إعجابها بنفسها ومن ذكر الجهاد علم أن الكلام في الرجل أما المرأة فخير لهوها المغزل كما في خبر وخروج بعضهن للغزو إنما هو لنحو مداواة الجرحى وحفظ المتاع (والرمي) عن نحو قوس مما فيه إنكاء العدو وقد فسر * (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) * بأنها الرمي واعلم أن اللحوق بالأخروي يجري في كل مباح حتى اللعب كما إذا مل من عبادة فاشتغل بلهو مباح لينشط ويعود وقد صرح حجة الاسلام بأن لهوه بهذا أفضل من صلاته وله في المقام كلام كالدر فعليك بالإحياء في باب النية. قال الراغب: والرمي يقال في الأعيان كسهم وحجر وفي المقال كناية عن الشتم والقذف (عد عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما وإسناده ضعيف.
217 - أحب العباد إلى الله تعالى أنفعهم لعياله) أي لعيال الله بدليل خبر أبي يعلى " الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله " وخبر الطبراني " أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس " والمراد من يستطاع نفعه من الخلق الأهم فالأهم أو المراد عيال الإنسان أنفسهم الذين يمونهم وتلزمه نفقتهم والأول أقرب قال الماوردي ونظمه بعضهم فقال:
الناس كلهم عيال * الله تحت ظلاله فأحبهم طرا إليه * أبرهم بعياله قال القاضي: ومحبة العبد لله تعالى إرادة طاعته والاعتناء بتحصيل فرائضه ومحبة الله تعالى للعبد إرادة إكرامه واستعماله في الطاعة وصونه عن المعصية، وفي الحديث رد على من رفض الدنيا بالكلية من النساك وترك الناس وتخفى للعبادة محتجا بآية * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * وخفي عليه أن أعظم عبادة الله ما يكون نفعها عائدا لمصالح عباده حكي) أن بعض الملوك اعتزل الناس وزهد في الدنيا فكتب إليه بعض الملوك قد اعتزلت لما نحن فيه فإن علمت أن ما اخترته أفضل فعرفنا لنذر ما نحن فيه ولا تحسبني أقبل منك ولا بلا حجة، فكتب إليه أعلم أنا عبيد رب رحيم بعثنا إلى حرب عدوه وعرفنا أن القصد بذلك قهره والسلامة منه فلما قربوا من الزحف صاروا ثلاثة أثلاث متحرزا طلب السلامة فاعتزل واكتسب ترك الملامة وإن لم يكتسب المحمدة ومتهورا قدم إلى حرب العدو على غير بصيرة فجرحه العدو وقهره فاستجلب بذلك سخط ربه وشجاعا أقبل على بصيرة فقاتل واجتهد وأبلى فهو الفائز وأنا لما وجدتني ضعيفا رضيت بأدنى الهمتين
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة