عرفا على بلوغ النهاية في ذلك الوصف (عبده) قدمه لكون العبودية مفتاحا لكل باب كمال ففي ذكره من استحقاق الرحمة واستجلاب الرفعة وترتب الشفقة ما ليس من غيره ولما فيه من الإيماء إلى أن مرتبة النبوة وهبية لا كسبية ولأن العبودية في الرسول لكونها انصرافا من الخلق إلى الحق أجل من رسالته لكونها بالعكس ولأن الكمال المستفاد من العبودية بما تستنزل به الكمالات وتستمطر به البركات بحكم (من تواضع لله رفعه الله " ولأن العبد يتكفل مولانا بإصلاح شأنه والرسول يتكفل بمولاه بإصلاح شأن الأمة وكم بينهما وإضافته إليه تعالى تشريفا للمضاف أي تشريف وتنبيها على أن لهذا اللفظ الخاص كمال الاختصاص، والعبد لغة الإنسان حرا أو قنا، وعرفا المكلف يعني من هو جنس المكلفين ولو صبيا أو جنينا (ورسوله) إلى كافة الثقلين والملائكة أو إلى الأولين خاصة؟ وعليه الحليمي والبيهقي بل حكى الرازي والنسفي الإجماع عليه لكن انتصر محققون منهم السبكي بالتعميم بآية * (ليكون للعالمين نذيرا) * أو خبر " أرسلت إلى الخلق كافة " ونازعوا فيما حكى بأن البيهقي نقله عن الحليمي وتبرأ منه والحليمي وإن كان سنيا لكن وافق المعتزلة في تفضيل الملك على البشر فظاهر حاله بناؤه عليه وبأن الاعتماد على تفسيرهما في حكاية الإجماع انفرادها لحكايته لا ينهض حجة عند أئمة النقل لأن مدارك نقل الإجماع إنما تتلقى من كلام حفاظ الأمة وأصحاب المذهب المتبوعة ومن يلحق بهم في سعة دائرة الاطلاع والحفظ والإتقان والشهرة عند علماء النقل والرسول والنبي طال فيما بينهما من النسبة الكلام، والمحققون كما قال ابن الهمام كالزمخشري والعضد والتفتازاني والشريف الجرجاني على تراد فهما وأنه لا فارق إلا الكتاب قال الزمخشري: الرسول من الأنبياء من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه والنبي غير الرسول من لم ينزل عليه كتاب وإنما أمر أن يدعو إلى شرع من قبله انتهى، وقال في المقاصد: النبي إنسان بعثه الله لتبليغ ما أوحى إليه قال وكذا الرسول. قال الكمال ابن أبي شريف: هذا ينبئ عن اختياره للقول بترادفهما. وفي شرح العقائد بعد ما ذكر أنه لا يقتصر على عدد في تسمية الأنبياء ما نصه: وكلهم كانوا مبلغين عن الله تعالى لأن هذا معنى النبوة والرسالة، قال الكمال ابن أبي شريف هذا مبني على أن الرسول والنبي واحد، وقال الإمام الرازي في تفسيره ولا معنى للنبوة والرسالة إلا أن يشهد على الله أنه شرع هذا الحكم. وفي المواقف وشرحه في السمعيات: النبي من قال له الله تعالى أرسلتك إلى قوم كذا أو إلى الناس جميعا أو بلغهم عني أو نحوه ولا يشترط في الإرسال شرط وفيه في شرح الديباجة: الرسول نبي معه كتاب والنبي غير الرسول من لا كتاب معه بل أمر بمتابعة شرع من فبله كيوشع. قال المولى خسرو تبع - يعني الشريف - صاحب الكشاف في تفسير الرسول واعتراضه بأنه لا يوافق المنقول في عدد الرسل والكتب إذ الكتب نحو مائة والرسل أكثر من ثلاثمائة مدفوع بأن مراده بمن معه كتاب أن يكون مأمورا بالدعوة إلى شريعة كتاب سواء أنزل على نفسه أو على نبي آخر. قال: والأقرب أن الرسول من أنزل عليه كتاب أو أمر بحكم لم يكن قبله وإن لم ينزل كتاب والنبي أعم لما في ذلك من النقص عما أورد على الأول من أنه يلزم عليه أن يكون من بعث بدون كتاب ولا متابعة من قبله خارجا عن النبي والرسول معا، اللهم إلا أن يقال إنه لا وجود لمثله انتهى. وقال الشيباني في شرح الفقه الأكبر: الرسول من بعث بشرع مجدد والنبي يعمه ومن بعث بتقرير شرع سابق كأنبياء بني إسرائيل
(٢٠)