فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٦٥
بمحله اللائق به في نفس الأمر وإذا طلب العدل بين الأولاد فبين غيرهم أولى فهو مطلوب حتى في الأمور الدينية فقد نقل ابن جماعة عن بعض مشايخه أنه كان يقسم ساعات النهار بين طلبنه بالرمل فإذا غاب أحدهم عن وقته يقول له مشى رملك ولا يقرئك ذلك اليوم (ق) البخاري في الهبة ومسلم في الفرائض (عن النعمان بن بشير) بفتح الموحدة وكسر المعجمة وبالتحتية وهو ابن سعد الخزرجي أبي عبد الله الأمير ولي حمص ليزيد وقتل في آخر سنة أربع وستين قال: أتى بي أبي إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟
قال: لا قال: فارجعه وفي رواية فقال: أفعلت هذا بولدك كلهم قال: لا قال: اتقوا الله واعدلوا إلى آخره قال النعمان: فرجع بي فرد تلك الصدقة وفي رواية قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: يا بشير ألك ولد سوى هذا قال: نعم قال: أكلهم وهبت له مثل هذا قال:
لا قال: فلا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور وفي رواية أشهد على هذا غيري ثم قال: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء قال: نعم قال: فلا إذن أخرجه الشيخان.
122 - (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يبروكم) بفتح الياء التحتية والموحدة أي يحسنوا طاعتكم يقال بررت والذي أبره برا وبرورا أحسن طاعته ورفقت به وتحريت محابه وتوقيت مكارهه وذلك لأنه كما للآباء على الأبناء حق فللأبناء على الآباء حق وكما قال سبحانه وتعالى (ووصينا الإنسان بوالديه) * وقال * (قوا أنفسكم وأهليكم نارا) * فوصية الله للآباء بأبنائهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم وفيه ندب التسوية بين الأولاد في النحل وغيرها من أنواع البر حتى في القبلة ولو فعل خلاف ذلك لم يحرم فقد فضل أبو بكر عائشة بجذاذ عشرين وسقا دون جميع أولاده وعمر عاصما بشئ أعطاه وعبد الرحمن بن عوف ولد أم كلثوم قال البيضاوي وقرر ذلك ولم ينكر عليهم فيكون ذلك إجماعا (طب عنه) أي عن النعمان المذكور.
123 - (اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) أي الحالة التي وقع بها الاجتماع قال الحراني:
والإصلاح تلافي خلل الشئ وفي المصباح الصلح التوفيق أصلحت بين القوم وفقت بينهم وقال الراغب: الصلاح ضد الفساد وهما مختصان في أكثر الاستعمال بالأفعال والصلح مختص بإزالة النفار بين الناس (فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين) وفي رواية المسلمين أي أصلحوا فإن الله يحب الصلح ولذلك يصلح بين المؤمنين (يوم القيامة) أي يوفق بينهم بأن يلهم المظلوم العفو عن ظالمه ويعوضه عن ذلك بأحسن الجزاء وروى ابن مردويه عن أنس مرفوعا إذا كان يوم القيامة نادى مناديا أهل التوحيد إن الله قد عفا عنكم فليعف بعضكم عن بعض وعلى الله الثواب. (ع ك) في الأهوال (عن أنس) وقال صحيح ورده الذهبي بأن فيه عباد بن شيبة الحبطي ضعفوه وشيخه سعيد بن أنس لا يعرف فأنى له الصحة.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة