فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٠٧
وتحفظ من جهلك وعجلتك وتفكر في حجتك ولا تكثر الإشارة بيدك ولا الالتفات إلى من وراءك ولكن اجث على ركبتيك وإذا هدأ غضبك فتكلم وإن قربك الشيطان فكن منه على حذر. فهذه آداب المخاصمة (ق حم ت عن عائشة) رضي الله عنها ورواه أيضا عنها أحمد.
56 - (أبغض العباد) بكسر العين والتخفيف جمع عبد ويحتمل ضمها والتشديد جمع عابد ويشبه أنه أولى لما في إجراء أفعل التفضيل على حقيقته من العموم والصعوبة المحوجة إلى التأويل (إلى الله من) أي إنسان (كان ثوباه) أي إزاره ورداؤه وأصل الثوب رجوع الشئ إلى حالته الأولى التي كان عليها أو إلى حالته المقدرة المقصودة بالفكرة فمن الثاني الثوب سمي به لرجوع الغزل إلى الحالة التي قدر لها. ذكره الراغب (خيرا من عمله) يعني من تزيا بزي الأبرار وعمله كعمل الفجار كما فسره بقوله (أن تكون ثيابه ثياب الأنبياء) أي كثيابهم الدالة على التنسك والتزهد (وعمله عمل الجبارين) أي كعملهم في البطش بالخلائق ونسيان نقمة الخالق وعدم التخلق بالرحمة والتهافت على جمع الحطام. والجبار المتكبر المتمرد العاني. وقال القاضي: فعال من جبره على الأمر بمعنى أجبره وهو من يجبر الناس على ما يريده. وقال الزمخشري: الجبار الذي يفعل ما يريد من ضرب وقتل فيظلم لا ينظر في العواقب ولا يدفع بالتي هي أحسن وقيل المتعظم الذي لا يتواضع لأمر الله تعالى انتهى. وذلك لأن أحب الخلق إلى الله تعالى الأنبياء والصديقون فأبغض الخلق إليه من يتشبه بهم وليس منهم فمن تشبه بأهل الصدق والإخلاص وهو مرائي كمن تشبه بالأنبياء وهو كاذب. وفيه أن من ظهر من جهال الطريق وبرز بالعدول عن التحقيق وتقشف تقشف أهل التجريد وتمزق حتى أوقع عقول العامة في الحرج الشديد فهو من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم قي الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا (عق) وقال في الأصل إنه منكر وأقره عليه (فر) كلاهما من حديث يحيى ابن عثمان عن أبي صالح كاتب الليث عن سليم بن عيسى عن النوري عن جعفر بن برقان عن ميمون (عن عائشة) ويحيى جرحه ابن حبان وكاتب الليث فيه مقال وسليم متروك مجهول وابن برقان لا يحتج به. ولهذا قال ابن الجوزي:
موضوع وأقره عليه في الأصل. وقال العقيلي: منكر وفي الميزان باطل. وبه علم أن عزو المؤلف الحديث للعقيلي وسكونه عما عقبه به من الرد غير صواب وممن جزم بوضعه ابن عراق والهندي.
57 - (أبغض الناس إلى الله) أي أبغض عصاة المؤمنين إليه كما أفاده القاضي: المراد بالناس المقول عليهم جميع عصاة الأمة وأن الكافر أبغض من هؤلاء المعدودين، وقول الطيبي: أراد بالناس المسلمين بدليل قوله " ومبتغ في الإسلام " (ثلاثة) أحدهم إنسان (ملحد) بالضم أي مائل عن الاستقامة (في) حق (الحرم) المكي بأن هتك حرمته بفعل محرم فيه من الإلحاد وهو الميل عن الصواب أو من اللحد وهو الحفرة المائلة عن الوسط ومصداقه * (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) * ذكره القاضي. قال الزمخشري: ومن المجاز لحد السهم عن الهدف ولحد عن القصد عدل عند والحد في دين الله والحد في
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة