فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١١٢
همز مدائن فقال من جعله فعيلة همز ومن جعله مفعلة لم يهمز (مشرفة) كمعظمة أي اجعلوها لمساكنها شرافات أو اجعلوا لسورها ذلك أو اجعلوها مرتفعة ارتفاعا حسنا مقتصدا محكما تحصينا لها من العدو وذلك لأن الزينة إنما تليق بالمدن دون المساجد التي هي بيوت الله (ش عن ابن عباس) رمز لحسنه.
62 - (ابنوا المساجد) التي هي بيوت الله، قال الراغب: المسجد الموضع المعد للصلاة. وقال غيره: لما كان السجود أشرف أفعال الصلاة لقرب العبد من ربه اشتق منه اسم المكان فقيل مسجد ولم يقل مركع ثم إن العرف خصه بالمكان المهيأ للصلوات الخمس فخرج نحو مصلي العيد ومدرسة ورباط فلا يعطى حكمه لاعدادها لغير ذلك (وأخرجوا القمامة منها) بضم القاف الكناسة. قال الزمخشري تقول بيت مقموم وقممته بالمقمة أي المكنسة وينادى بمكة على المكانس المقام (فمن بنى لله تعالى) أي لأجله ابتغاء لوجهه (بيتا) مكانا يصلى فيه وتقييد البعض بالجماعة غير معتبر (بنى الله له بيتا في الجنة) سعته كسعة المسجد عشر مرات فأكثر كما يفيده التنكير الدال على التعظيم: * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) * وإسناد البناء إليه سبحانه مجاز. قال الحافظ العراقي: ولا بد لحصول هذا الثواب من اسم البناء فلا يكفي جعل الأرض مسجدا بدونه ولا نحو تحويطه بطين أو تراب ولا يتوقف حصوله على بنائه بنفسه بل أمره كاف والأوجه عدم دخول الباني لغيره بأجرة وقضية إناطة الحكم بالبناء عدم حصوله لمن اشترى بناء ووقفه مسجدا والظاهر خلافه اعتبارا بالمعنى انتهى. وتبعه تلميذه ابن حجر. قال الراغب: والبناء اسم لما يبنى. وقال الزمخشري: مصدر سمى به المبني بيتا أو قبة أو خباء ومنه بنى على امرأته لأنهم كانوا إذا تزوجوا ضربوا عليها خباء جديدا والبيت مأوى الإنسان بالليل ثم قيل من غير اعتبار الليل فيه وجمعه أبيات وبيوت لكن البيوت بالمسكن أخص والأبيات بالشعر أخص ويقع على المتخذ من حجر ومدر وصوف ووبر وبه شبه بيت الشعر ويعبر عن مكان الشئ بأنه بيته. ولما قال المصطفى ذلك قالوا: يا رسول الله وهذه المساجد التي تبنى في الطريق؟
قال: " نعم " هكذا هو ثابت في رواية من عزى المؤلف له الحديث ثم لما ذكر جزاء البناء عقبه بذكر جزاء إخراج القمامة على طريق اللف والنشر فقال (وإخراج القمامة) أي الزبالة (منها مهور الحور العين) أي نساء الجنة النجل العيون السود الحدق سمين به لأنهن يشبهن الظباء يعني له بكل مرة من كنسها حوراء في الجنة فمن كثر كثر له ومن قلل قلل له وهل يدخل الكناس بأجرة أو بمعلوم قياس ما تكرر فيما قبله عدم دخوله والظاهر أنه يشترط لحصول ذلك قصد الامتثال. " والحور " جمع حوراء قال الزمخشري الحور البياض " والعين " جمع عيناء وهي النجلاء العين في حسن وسعة وفيه ندب بناء المساجد. قال النووي: ويدخل فيه من عمره إذا استهدم فيتأكد بناءه وعمارته وإصلاح ما تشعب منه ويسن بناؤه في الدور والمراد بها كما قال ابن دقيق العيد القبائل. وفيه ندب كنسه وتنظيفه وتحريم تقذيره حتى بطاهر لأنه استهانة به.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة