فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٠٣
لذاته (صادقا) نصب على الحال (بها) أي الشهادة أي مخلصا في إتيانه بها بأن يصدق قلبه لسانه (دخل الجنة) إن مات على ذلك ولو بعد دخوله النار فمآله إلى الجنة ولا بد، فالميت فاسقا تحت المشيئة إن شاء عذبه كما يريد ثم مصيره إلى أن يعفى عنه فيخرج من النار وقد اسود فينغمس في نهر الحياة ثم يعود له أمر عظيم من الحال والنضارة ثم يدخل الجنة ويعطى ما أعد له بسابق إيمانه وما قدمه من العمل الصالح وإن شاء عفا عنه ابتداء فسامحه وأرضى عنه خصماءه ثم يدخله الجنة مع الناجين. وقول الخوارج: مرتكب الكبيرة كافر وقول المعتزلة مخلد في النار حتما ولا يجوز العفو عنه كما لا يجوز عقاب المطيع - من تقولهم وافترائهم على الله، تعالى الله عما يقول الظالمون. والبشارة الخبر السار الذي يظهر بأوله أثر السرور على البشرة ذكره القاضي. وقال الراغب: الخبر بما يسر فتنبسط بشرة الوجه وذلك أن النفس إذ سرت انتشر الدم انتشار الماء في الشجر. والصدق: الإخبار المطابق وقيل مع اعتقاد المخبر أنه كذلك عن دلالة أو أمارة واقتصر على أحد الركنين لأنهم كانوا عبدة أوثان فقصد به نفي ألوهية ما سواه تعالى مع اشتهاره عندهم بأنه رسول الله واستبانته منهم الإيمان بشهادة قدوم كبرائهم عليه مؤمنين (حم طب عن أبي موسى) الأشعري قال: " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعي نفر من قومي فقال أبشروا " إلى آخره: " فخرجنا من عنده نبشر الناس فاستقبلنا عمر فرجع بنا إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله إذن يتكلوا فسكت " قال الهيتمي رجاله ثقات وله طرق كثيرة انتهى ولذلك رمز المؤلف لصحته هنا وقال في الأصل صحيح.
52 - (أبعد الناس من الله) أي من كرامته ومزيد رحمته من البعد. قال الحراني: وهو انقطاع الوصلة في حس أو معنى (يوم القيامة القاص) بالتشديد أي الذي يأتي بالقصة من قص أثره اتبعه لأن الذي يقص الحديث يتبع ما حفظ منه شيئا فشيئا كما يقال تلا القرآن إذا قرأه لأنه يتلو أي يتبع ما حفظ آية بعد آية كما في الكشاف. وقال الحراني: القص تتبع أثر الوقائع والأخبار يبينها شيئا بعد شئ على ترتيبها في معنى قص الأثر وهو اتباعه حتى ينتهي إلى محل ذي أثر (الذي يخالف إلى غير ما أمر به) ببناء أمر للفاعل أي الذي يخالف قوله فعله ويعدل إلى غير ما أمر به الناس من التقوى والاستقامة ويمكن بناؤه للمفعول والفاعل الله أي الذي يخالف ما أمر الله به من مطابقة فعله لقوله وذلك لجرأته على الله بتكذيب فعله لقوله كبني إسرائيل لما قصوا أهلكوا أي تكلموا على القول وتركوا العمل فأهلكوا والمراد هنا من يعلم الناس العلم ولا يعمل به ومن خصه بالواعظ فقد وهم ومن هو كذلك لا ينتفع بعلمه غالبا ولا بوعظه، إذ مثل المرشد من المسترشد كمل العود من الظل فمتى يستوي الظل والعود أعوج؟
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة