فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٠٥
الهواء (تنبيه) أخذ جمع من هذا الحديث وما في معناه أنه ليس للعاصي أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر والجمهور على أنه له بل عليه ذلك لأنه مأمور بأمرين ترك المعصية والمنع للغير من فعلها والإخلال بأحد التكليفين لا يقتضي الإخلال بالآخر ولذلك أدلة من الكتاب والسنة (فر عن أبي هريرة) رمز المؤلف لضعفه وسببه أن فيه عمر بن بكر السكسكي أورده الذهبي في الضعفاء وقال ابن عدي له مناكير واتهمه ابن حبان بالوضع.
53 - (أبغض) أفعل تفضيل بمعنى المفعول من البغض وهو شاذ ومثله أعدم من العدم إذا افتقر (الحلال) أي الشئ الجائز الفعل (إلى الله الطلاق) من حيث إنه يؤدي إلى قطع الوصلة وحل قيد العصمة المؤدي لقلة التناسل الذي به تكثر الأمة لا من حيث حقيقته في نفسه فإنه ليس بحرام ولا مكروه أصالة وإنما يحرم أو يكره لعارض، وقد صح أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم آلى وطلق وهو لا يفعل مكروها، ذكره في المطامح وغيرها. وهذا كما ترى أولى من تنزيل الذهبي تبعا للبيهقي البغض على إيقاعه في كل وقت من غير رعاية لوقته المسنون واستظهر عليه بخبر: " ما بال أقوام يلعبون بحدود الله طلقتك راجعتك طلقتك راجعتك " وخبر " لم يقول أحدكم لامرأته قد طلقتك قد راجعتك؟ ليس هذا بطلاق المسلمين، طلقوا المرأة في طهرها ". وقال الطيبي: فيه أن بغض بعض الحلال مشروع وهو عند الله مبغوض كصلاة الفرد في البيت بلا عذر والصلاة في مغصوب. وقال العراقي: فيه أن بغض الله للشئ لا يدل على تحريمه لكونه وصفه بالحل على إثبات بغضه له، فدل على جواز اجتماع الأمرين بغضه تعالى للشئ وكونه حلالا وأنه لا تنافي بينهما وأحب الأشياء إلى الشيطان التفريق بين الزوجين كما يأتي في خبر، والمراد بالبغض هنا غايته لا مبدؤه فإنه من صفات المخلوقين والبارئ منزه عنها والقانون في أمثاله أن جميع الأعراض النفسانية كغضب ورحمة وفرح وسرور وحياء وتكبر واستهزاء لها أوائل ونهايات وهي في حقه تعالى محمولة على الغايات لا على المبادئ التي هي من خواص الأجسام فليكن على ذكر منك أي استحضار له بقلبك فإنه ينفع فيما سيلقاك كثيرا (د ه ك) في كتاب الطلاق وكذا الطبراني وابن عدي (عن) عبد الله (بن عمر) بن الخطاب ورواه البيهقي مرسلا بدون ابن عمر وقال الفضل غير محفوظ. قال ابن حجر: ورجح أبو حاتم والدارقطني المرسل وأورده ابن الجوزي في العلل بسند أبي داود وابن ماجة وضعفه بعبد الله الرصافي. وقال: قال يحيى ليس بشئ والنسائي متروك الحديث وبه عرف أن رمز المؤلف لصحته غير صواب.
54 - (أبغض الخلق) أي الخلائق يقال هم خليقة الله وهم خلق الله. قال الزمخشري ومن المجاز خلق الله الخلق أوجده على تقدير أوجبته الحكمة وهو رب الخليقة والخلائق (إلى الله من) أي مكلف ولفظ رواية تمام لمن باللام (آمن) أي صدق وأذعن وانقاد لأحكامه (ثم كفر) أي ارتد خصه، من بين أصناف الكفار بهذه المبالغة والتشديد وأبرز ذمه في هذا النظم العجيب حيث أبهمه غاية الإبهام نعيا
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة